" كتاب الحدود "
الحد لغة: المنع
وشرعاً: عقوبة مقدرة شرعاً في معصية، كحد الزنا لغير المحصن، مائة جلدة.
فهذه العقوبة وهي مائة جلدة، عقوبة مقدرة من الشارع فليست راجعة إلى اجتهاد الحاكم.
ويجب على الحاكم إقامة حد الله تعالى، ولا يحل له أن يتركه لشريف ولا لشفاعة إذا بلغ الحاكم.
فإذا بلغ الحاكم الحد فيجب عليه أن يقيمه والشفاعة حينئذ محرمة.
ففي الصحيحين: أن أسامة بن زيد شفع في مخزومية سرقت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فشفع أسامة بن زيد فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - مستنكراً: (أتشفع في حدٍ من حدود الله) .
وفي الخمسة بإسناد صحيح في قصة سرقة رداء صفوان، وفيه أن صفوان شفع لسارق ردائه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: هلا كان ذلك قبل أن تأتيني) .
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله تعالى في أمره) .
وفي أبي داود بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب) .
فالشفاعة محرمة إذا بلغت المعصية الحاكم، وأما قبل أن تصل إلى الحاكم فلا بأس بالشفاعة، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (هلا كان ذلك قبل أن تأتيني) .
قال: [لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل] .
فالحد لا يجب إلا على عاقل بالغ أي مكلف، وهذا بإتفاق العلماء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم والصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين قال لماعز بن مالك: (أبك جنون) .
فالمجنون والصبي لا يقام عليهما الحد.
والمجنون لا يعزر، ولكن الصبي يُعزر بما يراه الحاكم بما يكون فيه ردعاً له عن التعدي.
قال: [ملتزم] .
فلا بد أن يكون من يقام عليه الحد ملتزماً، أي ملتزم بالشريعة الإسلامية وهو المسلم والذمي.