والقول الثاني في المسألة، وهو ما ذهب إليه الشافعية، قالوا: إن العاقلة تتحمل ما كان أكثر من الثلث وما كان أقل من الثلث، ولو كان بعيرا، ما دام أن الجناية خطأ أو شبه عمد. وهذا القول أصح؛ ويدل عليه حديث الهذليتين، فإن دية الجنين خمس من الإبل، ومع ذلك فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوجبه على العاقلة.
وإنما استدل أهل القول الأول بأن الأصل في الجناية أن تكون من ضمان الجاني، لكن الثلث كثير، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الثلث والثلث كثير) ، فالثلث يُجحف بماله، فقالوا: ما كان ثلثا فأكثر فإنا نوجبه على العاقلة، وما كان دون الثلث فنوجبه على الجاني نفسه.
لكن الأصح هو القول الثاني؛ لما تقدم في قصة الهذليتين، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوجب الدية على العاقلة وهو خمس من الإبل، ولذا احتاج أهل القول إلى استثنائه، وقالوا: لأن الجنين تبع لأمه. لكن هذا لا يقوى على الاستثناء، فكونه تبع لأمه، هذا لا يقوى على الاستثناء، لأن الأم لها ديتها المستقلة، والجنين له ديته المستقلة. والله أعلم.
انتهى الدرس الرابع في ليلة الأربعاء السادس عشر من شعبان لعام ١٤٢٠ للهجرة.