للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالغسل والتكفين والصلاة والدفن للميت فرض على الكفاية، فإذا قام به طائفة من المؤمنين سقط الإثم عن الباقين.

فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن وقصته راحلته فمات: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه طيباً ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) (١) .

والشاهد قوله: " اغسلوه، وكفنوه " فهذه أوامر ظاهرها الوجوب وهي موجهة إلى الجماعة فكان فرضاً على الجماعة أو فرضاً على الكفاية.

فالغسل والتكفين فرض للحديث المتقدم، وكذلك فقد أجمع أهل العلم على فرضية الصلاة عليه والدفن له.

قال: (وأولى الناس بغسله وصيه)

فإذا وصى الميت أن يغسله فلان أو أوصت امرأة أن تغسلها فلانة أو زوجها، أو والدها، فإن أولى الناس بالغسل هو الوصي، وإن كان أجنبياً ما دام مسلماً عدلاً فإن هذه الوصية تجعل هذا الموصى هو الأولى بالغسل.

ودليل ذلك ما ثبت عند الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن: (أن فاطمة أوصت أن يغسلها زوجها " أي علي " وأسماء " وهي بنت عميس " فغسلاها) (٢) .

ولا شك أن هذا من باب إنفاذ وصيته وفعل ما يحبه، فإنه إنما أوصى بذلك لكونه يحب ذلك فكان هنا – حيث أن الغسيل له – أولى من أن يقوم بالغسل غير وصيه.

قال: (ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته)

" ثم الأب " لما فيه من الرأفة والرحمة به مما يجعله يقوم بالتغسيل على أفضل ما يكون منه.

" ثم الجد "؛ لأن الجد بمنزلة الأب، فهو أب.

" ثم الأقرب فالأقرب من عصباته ": كالابن والأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم العم الشقيق ثم العم لأب وهكذا من عصباته كما يكون في الميراث.

قال: (ثم ذوو أرحامه)


(١) أخرجه البخاري [١ / ٣١٩، ...] ومسلم [٤ / ٢٣، ٢٦] وغيرهما، الإرواء [١٠١٦] .

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [٣ / ٥٥٦] كتاب الجنائز، باب (٤٠) الرجل يغسل امرأته إذا ماتت، (٦٦٦١) .