للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشافعية: بل يمضمضه وينشقه (١) ؛ للحديث المتقدم، فإنه قال: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها) ، والفم والأنف من مواضع الوضوء.

والصحيح ما ذهب إليه أهل القول الأول؛ لما تقدم، فإن في مضمضته واستنشاقه ما يؤثر بإثارة الخارج، فيكون في ذلك مشقة في كثرة صب الماء عليه.

قال: [ثم ينوي غسله]

فإذا غسل مواضع الوضوء منه وأدخل الخرقة في فمه وأنفه، فإنه ينوي بعد ذلك غسله، ويشرع في الغسل.

هكذا قال المؤلف هنا.

لكن العبارة في المقنع قبل ذكر الوضوء، وهذا هو الظاهر؛ لأن الوضوء من الغسل المستحب، فالغسل المستحب يكون أوله الوضوء، ثم يغسل بقية وسائر البدن.

فكان المستحب – على ما ذكر الموفق في أصل الكتاب، الذي هذا المؤلف اختصار له -.

لكن إن لم ينو إلا بعد الوضوء، فذلك جائز فإن الواجب حينئذ – أي بعد أن يوضئه ويريد أن يشرع في تغسيله -.

لكن النية استحباباً تكون قبل الوضوء؛ ليدخل الوضوء في الغسل، فهو مستحب للغسل.

وتجب ذلك – أي النية – بعد التوضئة وقبل الغسل، فإن النية فرض على الغاسل؛ لأن الغسل عبادة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (اغسلوه بماء وسدر) (٢) ، وقال: (اغسلنها ثلاثاً) (٣) الحديث.

فالغسل فرض كفاية، فكانت النية فيه فرضاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) (٤) . فإذا غسله بلا نية لم يجزئ ذلك.


(١) من الاستنشاق.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، وباب الحنوط للميت،وباب كيف يكفن الميت، وفي أبواب أخرى من كتاب جزاء الصيد، ومسلم في باب ما يفعل المحرم إذا مات من كتاب الحج، المغني [٣ / ٣٧٦] .
(٣) متفق عليه، وقد تقدم.
(٤) متفق عليه، وقد تقدم في الطهارة.