واعلم أننا قد أوجبنا – وهو الراجح في المسألتين – الزكاة في الحلي، فإن الحلي إنما تجب الزكاة فيه حيث كان ذهباً وفضة كما دلت عليه الأدلة المتقدمة،وعليه فيخرج عن الزكاة ما لو صنع فيه من الجوهر ونحوه، فإذا رصعت فيه جواهر أو لآلئ أو ماس أو نحو ذلك، فإنها تخرج من وزنه، فلا توزن؛ لأن الزكاة إنما تجب في الذهب والفضة، وأما سائر الحلي من غير الذهب والفضة، فإن الزكاة لا تجب فيها اتفاقاً. وكذلك المخالط للذهب والفضة، فإنه لا تجب فيه الزكاة.
وهناك قول ثالث في مسألة زكاة الحلي، وقد قواه ابن القيم، وهو مذهب بعض التابعين وهو رواية عن الإمام أحمد: أن الحلي يجب فيها الزكاة أي العارية.. .. .. (١) أن يعيرها أن يزكيها. وهذا القول ضعيف؛ لأن الأدلة الشرعية المتقدمة فيها لفظ الزكاة، والزكاة إذا تلفظ بها الشارع فهي الزكاة الشرعية الحقيقية التي هي إخراج حق من المال لأهل الزكاة.
وما ذكروه من أن زكاتها عاريتها هذا مجاز، والألفاظ تحمل على حقائقها لا على مجازاتها إلا بدليل، ولا دليل شرعي يدل على ذلك. فأصح الأقوال وجوب الزكاة فيها.
قال:[وإن أعد للكرى أو للنفقة أو كان محرّماً ففيه الزكاة]
إذا كان عنده ذهب قد أعده للكراء كحلي النساء، فتجب الزكاة فيه، قالوا: لأن الأصل في الذهب والفضة وجوب الزكاة، وإنما استثنينا الحلي الملبوس لأدلة ثبتت عندنا، وحيث لم تثبت الأدلة في الكراء فإنا نبقى على الأصل من وجوب الزكاة في الذهب والفضة.
(١) لم يتضح لي، قال في حاشية الروض المربع [٣ / ٢٥٦] : " ونقل الشيخ عن غير واحد من الصحابة أنه قال: زكاة الحلي عاريته، قال: والذي ينبغي إذا لم تخرج الزكاة أن يعيره، وهو رواية عن أحمد ".