ودليل هذا من الآثار: ما رواه طاووس عن معاذ بن جبل أنه قال: " ائتوني بخميص أو لبيس – وهي.. ثياب – مكان [الشعير] والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة "(١) ، وهذا الأثر يرويه طاووس عن معاذ وهو لم يسمع منه، لكنه أدرك حالة تلاميذ معاذ بن جبل في اليمن، وهو من أهل اليمن، وقد احتج بهذا الأثر البخاري في صحيحه، ومقاصد الشريعة تدل عليه.
فأصح الأقوال ما اختاره شيخ الإسلام، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن إخراج القيمة لا يجوز إلا عند الحاجة إلى إخراجها، فإذا كانت مصلحة أحدهما في إخراجها قيمة من غير ضرر على الآخر فيجوز إخراج القيمة.
هذا في غير عروض التجارة، وأما عروض التجارة فإن الجواز مطلق عند الحاجة وغيرها في الأرجح كما تقدم.
قال:[فإن ملكها بإرث أو بفعله بغير نية التجارة ثم نواها لم تصر لها]
إن ملكها بإرث، فهو ملك بغير الفعل، فلو أن رجلاً توفي والده وترك له دكاناً إرثاً، فإنه لا تجب عليه الزكاة فيه، وإن أبقاه للتجارة؛ لأنه ملكه بغير اختياره.
هذا في الحقيقة ضعيف جداً، وهو المشهور عند الحنابلة.
- وعن الإمام أحمد وهو اختيار أبي بكر وابن عقيل وغيرهم: أن الزكاة تجب فيه؛ وذلك لأنه مال تجاري فيدخل في عموم الأدلة المتقدمة وهو مالك له، فلا فرق بين أن يملكه باختياره أو بغير اختياره، فقد دخل في ملكيته، وكونه يدخل باختياره أو بغير اختياره، فإن هذا لا أثر له في الحكم.
(١) كذا في صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب العرض في الزكاة، الفتح: [٢ / ٣٦٥] ، وفي الأصل: (ائتوني بخميص أو لبيس.. مكان الذرة والحنطة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ".