لكن استثنى المؤلف فقال:(إلا بطلبه) أي إلا بطلب الدين، فإن كان الدين مطالباً به فإن الزكاة لا تجب؛ وذلك لأن الدين إذا طولب به وجب أداؤه كما سيأتي تقريره في بابه فكان مقدماً على الزكاة، لأن الزكاة إنما تجب من باب المواساة ولأن الدين حق آدمي محض فقدم على الزكاة.
إذن: زكاة الفطر لا يمنعها الدين إلا إذا طالب الدائن به فإن الدين يمنع الزكاة لأنه حينئذ يكون أهم؛ إذ هو من حقوق الآدميين المحضة ولأن الزكاة مبناها على المواساة وحقوق الآدميين مبناها على المشاحة، والزكاة مبنية على المواساة فلم يكلفها المسلم مع وجود من يطالبه.
قال:(فيخرج عن نفسه وعن مسلم يمونه)
فتجب صدقة الفطر عن النفس وتجب عمن يمونه.
أما وجوبها عن النفس فقد تقدم قول ابن عمر:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين)(١) .
وتجب على من يمونه – أي على من ينفق عليه –، فعلى من ينفق الصدقة، فإذا كان له ولد وزوجة ورقيق فيجب عليه أن يتصدق عنهم صدقة الفطر كما يجب عليه أن ينفق عنهم.