ورواه ابن حزم أيضاً عن أبي بكر وعمر وابن مسعود لكن بأسانيد ضعيفة فهو قول جمهور الصحابة ولا يعلم لهم مخالف إلا ما كان من أبي سعيد الخدري والمخالفة أيضاً ليست صريحة، ففي الصحيحين: (لما جاء معاوية وجاءت سمراء الشام " أي الحنطة " قال معاوية " (إني أرى مداً من هذه يعدل مدين من شعير) فهو قول معاوية أيضاً، فقال أبو سعيد الخدري:(أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم) .
وعند أبي داود:(لا أخرجه أبداً إلا صاعاً) فهذا قول أبي سعيد، فإن كان صريحاً فالمخالف له جمهور الصحابة، وهو ما تقدم أيضاً ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن يكون هذا فعل منه من باب الاحتياط، ولا شك أن من أخرج أكثر من الواجب عليه فإنه يجزئه وله أجر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم – فيما تقدم – فيمن أراد أن يخرج ناقة فتية سمينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(فإن تطوعت قبلناه منك وآجرك الله عليه)(١) .
إذن: ما ذهب إليه الأحناف هو القول الراجح وهو اختيار ابن المنذر وهو من كبار المجتهدين وهو منسوب إلى الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام وهذا هو القول الراجح.
ومثل البر الأرز، فإنه يجزئه أن يخرج نصف الصاع منه إن كان من أطيب أنواع الأرز أما إن كان من النوع الرديء الذي يساوي قيمة الشعير ونحوه فإنه لا يجزئه إلا أن يخرج صاعاً لكن الأحوط وهو الآجر أن يخرج صاعاً.
قال:(فإن عَدِم الخمسةَ أجزأ كل حب وثمر يُقتات)
إذا عدم هذه الخمسة المذكورة فإنه يجزئه كل حب كالذرة مثلاً أو ثمر - يشبه أن يكون هذا التين ونحوه إن يبس (٢) - يقتات أي يطعم، وتقدم الكلام على القوت.
إذن: إذا عدم هذه الخمسة فيجزئه كل نوع من أنواع الحبوب أو الثمار التي تقتات أي التي تطعم وتدخر.