أما إن كان يجد خمسمئة أو ستمئة أو ثمانمئة، فهو مسكين، وهذا باعتبار السنة، فلو أنه يحصل له في السنة ستة آلاف ولا يكفيه إلا اثنا عشر ألفاً، فإنه يُدفع له ستة آلاف لتتم كفايته، فإن الزكاة إنما تدفع له كفاية سنته وذلك لأنها لا تتكرر إلا في السنة فيعطى كفايته منها سنة.
وهنا المؤلف قد جعل الفقير أشد حاجة من المسكين وهو كما قال، ولذا قدمه الله عز وجل في الآية على المسكين فقال:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين} والتقديم مشعر بأهمية إعطائه وأنه أحوج من المسكين وهما في الحقيقة صنف واحد يجمعهما عدم تمام الكفاية ولعل الداعي إلى جعلهما نوعين أو صنفين مع أنهما في الحقيقة صنف واحد تنبيهاً على أهمية الدفع إليهم فهو جنس واحد فذكرت أنواعه للتكثير لأهمية الدفع إليهم وأنهم أولى من غيرهم بالزكاة، ولذا خصهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في حديث معاذ فقال:(تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) .
إذن: من لا يجدون كفايتهم يدفع إليهم من الزكاة ما يتمها كل سنة مما يحتاجون إليه من مشرب وملبس ومنكح – فإن النكاح من الحاجات التي يحتاج إليها الفقير، فيعتبر له ذلك فيعطى ما يمكنه أن ينكح به.
واعلم أن الفقير والمسكين بضد الغني، فالغني لا يحل له أن يأخذ من الزكاة شيئاً والغني هو من يملك كفايته بالقوة أو بالفعل.
إذن: الغني قسمان:
من يملك كفايته بالفعل: أي عنده من الدراهم والدنانير أو عنده من المطاعم والمشارب والمساكن ما يكفيه فهو غني بالفعل.
غني بالقوة: وهو المكتسب فليس بيده درهم ولا دينار لكن عنده قدرة بدنية على التكسب فهو جلد يمكنه أن يتكسب وأن يعمل ويتحرف، فهو غني فليس له أن يأخذ من الزكاة شيئاً إلا ألا يتمكن من عمل مع البحث عنه أو تمكن منه لكنه لا يقوم بكفايته فإنه يأخذ من الزكاة.