وقد ورد هذا مصرحاً به فيما رواه الترمذي بإسناد حسن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فخلل بين أصابعك) (١) .
أما تخليل أصابع اليدين فهو بأن يدخل أصابع كل يد في الآخر بمعنى يشبك بين أصابعه.
ـ وأما تخليل أصابع الرجلين، فقد ورد في الترمذي وابن ماجة بإسناد حسن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (كان يخلل أصابع ـ وفي روايه يُدَلِّك ـ رجليه بخنصره) (٢) .
والأظهر: أن هذه الخنصر هي خنصر اليد اليسرى؛ لأن ذلك في الغالب يكون موضع قذر وأذى فاستحب أن يكون باليد اليسرى.
ـ إذن: يشرع له أن يخلل أصابعه.
فإذن ثبت له أن الماء لم يصل فإنه يجب عليه أن يفعل ذلك ـ أي التخليل.
ولكن هذا التخليل لمزيد الطهارة ولكمالها.
أما إذا ثبت له أن شيئاً من ذلك لم يصل إليه الماء، فإنه يجب عليه التخليل فيوصل الماء إلى هذا الموضع الذي لم يصل إليه الماء.
قوله: ((وتخليل اللحية الكثيفة والأصابع)) :
تقدم الكلام على تخليل الأصابع.
أما تخليل اللحية، فقوله (الكثيفة) : قيد يُخْرِج اللحية الخفيفة وضابط الخفيفة: التي تتضح منها البشرة، فإذا كانت البشرة تتضح منها فيجب عليه تخليلها؛ لأنها ظاهرة من الوجه، والوجه يجب أن يغسل، كما قال تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) (٣) .
ـ أما اللحية الكثيفة: فهي التي لا تتضح منها البشرة.
فأما ظاهرها فيجب غسله؛ لأنها ظاهرة من الوجه، وقد قال تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) .
ـ وأما باطنها فيستحب تخليله.
يدل على ذلك ما رواه الترمذي وغيره من حديث عثمان أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (كان يخلل لحيته) وهذا الحديث له طرق كثيرة، حتى ذكر ابن القيم أنه قد ورد عن ثلاثة عشرة صحابياً، فالحديث ثابت وقد قال الإمام أحمد: (لم يثبت في تخليل اللحية شيء) .
ـ لكن هذه الطرق الكثيرة تتظافر على إثباته.