للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقول الثاني في المذهب: أن الزكاة يجوز أن يعطي الزوج من الزوجة، وهذا هو القول الراجح؛ وذلك لأن الزوجة لا تنفق على زوجها فلا معنى لمنعها من إعطائه زكاتها والزوج داخل في العمومات التي فيها أصناف من تحل له الزكاة كما تقدم فهو إن كان فقيراً أو مسكيناً فهو داخل في عموم قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} وقد ثبت في البخاري عن أبي سعيد: أن زينب امرأة ابن مسعود أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: (يا رسول الله إنك قد أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم فقال: صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم) (١) .

فلها أن تتصدق على زوجها ولها أن تتصدق على ولدها؛ لأنها لا يجب عليها أن تنفق على ولدها وإنما يجب ذلك على الوالد.

قال: (وإن أعطاها لمن ظنه غير أهل فبان أهلاً أو بالعكس لم يجزئه)

رجل أخذ زكاة ماله فأعطاها هاشمياً أو غنياً أو نحو ذلك وهو يعتقد ذلك ويعلم أن هذا ليس من أهل الزكاة فلا يجزئه وإن ثبت له بعد ذلك خطأ ظنه.

فمثلاً: أعطاها غنياً وهو يعلم أنه غني فبان فقيراً فلا يجزئه هذه الزكاة؛ وذلك لأن من شرط الزكاة النية وهنا النية غير جازمة لأنه أعطاها من يعتقده ليس أهلاً وحينئذ لم ينوها زكاة؛ لأن الزكاة إنما تدفع للأصناف الثمانية كما لو صلى صلاة بظن أن الوقت لم يدخل فتبين دخوله فإنها لا تجزئه كما تقدم، فكذلك هنا.

(أو بالعكس)

رجل أعطى زكاته من يظن أنه من أهل الزكاة، كأن يرى رجل فظن أنه ليس من بني هاشم أو نحو ذلك فأعطاه الزكاة ثم بان بعد ذلك على خلاف هذا، فإنها لا تجزئه.

قالوا: لأن الذمة لا تبرأ إلا بدفعها إلى أهلها وقد ثبت أن هذا ليس من أهلها.

وقال بعض الحنابلة: بل تجزئ عنه قياساً على الغني.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب (٤٤) الزكاة على الأقارب (١٤٦٢) .