ـ وهذا الضابط أولاً: لا دليل عليه، ثانياً: يشق ضبطه فإن عامة الناس لا يمكنهم أن يضبطوا فعل ذلك.
فإيقاع هذا الضابط في الواقع فيه مشقة وعسر.
ـ وذكر بعض أهل العلم ضابطاً آخر وهو أصح منه وهو رواية عن الإمام أحمد، وقال الخلال فيها: (وهو الأشبه بقوله والعمل عليه) ، والضباط هو: إرجاع ذلك إلى العرف.
فإذا كان هناك فاصل عرفي ثبت عرفاً أنه طويل فإنه تنتفي الموالاة، وإن كان قصيراً فإن الموالاة لا تنتفي.
مثال: رجل توضأ فلم يغسل عقبيه، ثم ذهب إلى المسجد فلما دخله أخبره بعض المصلين، بهذا الموضع الذي لم يصله الماء، فهذا فاصل طويل عرفاً.
لكن لو أن رجلاً توضأ وبمجرد ما انتهى من الوضوء أخبر أن موضعاً من يديه لم يصبه الماء فإنه فاصل قصير عرفاً فلا يعيد.
فهذا القول هو الأرجح وهو أن ذلك راجع إلى العرف وهو رواية عن الإمام أحمد واختارها بعض أصحابه.
ـ ومثل ذلك: كل ما لم يثبت في الشرع ولا في اللغة تحديد له فإنه يقيد بالعرف.
فإذن: الموالاة فرض من فروض الوضوء وضابطها: ألا يفصل بنهما بفاصل طويل عرفاً.
ـ فإن قيل: لو أن رجلاً توضأ فغسل وجهه ويديه ثم انقطع عنه الماء بأي سبب من الأسباب ثم بعد ذلك حضر الماء، بعد فاصل طويل عرفاً ـ فهل يمسح رأسه ويغسل رجليه أم أنه يستأنف؟
قولان لأهل العلم:
١ـ فالمشهور في مذهب الحنابلة أنه يعيد الوضوء؛ لأن الموالاة شرط فوجب أن يأتي بها ولا يسقط بالعذر.
٢ـ وذهب المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن العذر مسقط للموالاة، لقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) (١) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٢) .
ـ وأوضح منه في الاستدلال،ما في الصحيح ـ وسيأتي ذكره إن شاء الله ـ من العمل الكثير في الصلاة، فإنه يقتل الحية والعقرب، ونحو ذلك ثم يعود إلى الصلاة.