للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب المالكية والأحناف إلى عدم وجوب العمرة واستدلوا: بالحديث المتفق عليه من حديث طلحة في سؤال الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام، وذكر فيها الحج فقال: (هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع) قالوا: فهذا يدل على أن ما سوى المذكور في هذا الحديث تطوع وليس بفريضة ومن ذلك العمرة فإنها ليست بمذكورة.

واستدلوا: بما روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: (يا رسول الله: العمرة أواجبة هي؟ فقال: لا وأن تعتمر خير لك) (١) .

وقد أجاب أهل القول الأول قالوا: أما الحديث الثاني فإسناده ضعيف فإن فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف الحديث.

وأما الحديث الأول: قالوا: العمرة داخلة في الحج لحديث: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) (٢) فعدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها في حديث الأعرابي لا يدل على عدم وجوبها.

ولا يظهر لي على القول بوجوب التمتع كما سيأتي تقريره إن شاء الله (٣) – أي إشكال في ذلك، فإن الراجح مذهب ابن عباس وأن التمتع واجب، وحيث قلنا بوجوب التمتع فإنه لا إشكال في هذا الحديث؛ لأن التمتع فيه عمرة وكما تقدم فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، هذا الجواب الأول وهو جواب ظاهر بين.

والجواب الثاني: أن يقال: إن أحاديثنا التي استدللنا بها أحاديث صريحة صحيحة تدل على وجوب العمرة وأما هذا الحديث فليس بصريح، فإنه من دلالة المفهوم وحديثنا دلالته دلالة منطوق، ودلالة المنطوق مرجحة على دلالة المفهوم.


(١) سنن الترمذي برقم ٩٣١، باب ما جاء في العمرة أواجبة هي أم لا، من كتاب الحج. ورواه أحمد كما في البلوغ.
(٢) سبق برقم ٥.
(٣) تراجع شيخنا إلى استحباب ذلك دون الوجوب في شرحه لأخصر المختصرات كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>