للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: أما الوقوف بعرفة فهو فرض الحج الأكبر، والطواف يقابله في العمرة وهما في الأصل أول الأركان فحينئذ يكون قد فعل الأركان وهو حر، وهذا وهو بالغ، وهذا وهو عاقل، فيصح ذلك منهم فرضاً – هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة والشافعية –

ومثل ذلك لو أفاض الناس من عرفة إلى مزدلفة – ومعلوم أن الوقوف بعرفة لا ينتهي وقته إلا بأذان الفجر فلو أعتق بالمزدلفة فعاد فوقف فإن ذلك يجزئ عنه: قالوا: لأنه فعَل هذه الأركان وهو حر وهذا وهو عاقل، وهذا وهو بالغ فأجزأ ذلك عنه.

وقال الإمام مالك: بل لا يجزئ ذلك عنه؛ لأنه قد أحرم بنية التنفل فلم يجزئ ذلك عنه، فإنه حين إحرامه كان متنفلاً فلا ينتقل النفل إلى الفرضية.

وأجاب أهل القول الأول بأن الإحرام ليس مقصوداً لذاته وإنما المقصود لذاتها هي الأركان كالوقوف بعرفة والطواف في العمرة. ومع قوة ما ذهب إليه الإمام مالك فإن الأظهر – لي – هو ما ذهب إليه أهل القول الأول، وذلك تحصيلاً لمصلحة الفرضية لهما، ولمشقة الحج في الغالب وقد قاموا بفرائض الحج وهم من أهله فيتساهل حينئذ بالإحرام الذي هو ليس مقصوداً لذاته.

فالمشهور عند الشافعية والحنابلة أن من أحرم بالحج وهو من أهل التنفل وليس من أهل الفرضية ثم أدرك الوقوف بعرفة وهو حر أو بالغ – في الحج – وفي العمرة قبل الطواف فإن حجه ينتقل إلى الفرضية – وهذا القول مروي عن ابن عباس في مصنف ابن أبي شيبة لكن فيه ليث بن أبي سليم (١) وهو ضعيف الحديث. والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وفعلهما من الصبي والعبد نفلاً)

" وفعلهما " أي الحج والعمرة.

فإذا حج الصبي والعبد فإن حجهما نفل لهما، وكذلك إذا اعتمرا فإن عمرتهما نفل لهما ولا يجزئ ذلك عن حجة الإسلام وهذا مما اتفق عليه العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>