للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأحسن أن يفصّل في مسألة الزاد، فإن الزاد منه ما يكون قريباً إلى زاده أو نحوه من زاد الناس مما تتحمله كبراؤهم، ومنه ما يكون فيه مشقة.

والراحلة أمر ظاهر أمام الناس بخلاف الزاد فإنه يأكل زاداً من طعام الناس كالخبز مثلاً ويأكله في موضعه المعد له، هذا لا يلحقه مشقة كما يلحقه في مركوب يركبه أمام الناس ويكون غير صالح لمثله.

أما لو كان الزاد في شوارع ونحو ذلك، فإن لم يستطع زاداً إلا مع سوقة الناس في الشوارع والأسواق فيقال فيها بعدم الوجوب.

قال: (بعد قضاء الواجبات)

فهذا بعد ما يقضي الواجبات عليه، كأن تكون عليه زكاة أو كفارة يمين أو أن يكون عليه ديون للعباد، فهذه العبادة لا يجب عليه الحج إلا بعد قضائها.

مثال ذلك: رجل عليه دين وهو يريد قضاءه فهل يجب عليه أن يحج مع ثبوت هذا الدين في ذمته الذي يريد سداده ووفاءه؟

فالجواب: أنه لا يجب عليه الحج وذلك لأن حقوق الآدمين مبنية على المشاحة، وأما حقوق الله عز وجل ومنها الحج فهي مبنية على المسامحة فمن هنا قدم حق العباد على حق الله تعالى. وما تقدم ذكره متعلق بحقوق العباد، فإن الزكاة ينصرف إلى حقوق العباد فهي تنصرف إلى الفقراء والمساكين ونحوهم وهكذا الكفارات ومن هنا قدمت هذه على أداء فريضة الحج.

قال: (والنفقات الشرعية)

إذا كان عليه نفقات، نفقة لوالده أو من يعول فلا يجب عليه الحج حتى يدخر مالاً يكفي لنفقة أهله.

فرجل – مثلا – معه مبلغ من المال ويعلم أنه إذا حج أضر بمن يجب عليه أن ينفق عليه من ولده أو من يعول فإنه لا يجب عليه الحج وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) (١) وهذا حق لآدمي، وحقوق الآدمي مقدمة في الوفاء على حق الله عز وجل لأنها مبنية على المشاحة.

قال: (والحوائج الأصلية)


(١) أخرجه مسلم وأبو داود، الإرواء برقم ٨٩٤، ٩٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>