للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدليل أنه لو كان شخص من الآفاقيين صادفه الحج وهو في مكة فأحرم من مكة أجزأ ذلك عنه ولم يوجب عليه أن يحرم من بلده، فليس ذلك مقصوداً لصاحب الشريعة بل المقصود أن يحج حجاً صحيحاً، والنظر في الحج إنما هو إلى البدل لا إلى المبدل عنه والبدل في بلدة دون الميقات كأن يكون في مكة، أو هو في الميقات دون بلدة ذلك.

فالصحيح أن هذا ليس بشرط مطلقاً لا من الميقات ولا من ورائه خلافاً للمشهور عند الحنابلة.

واعلم أن المريض الذي يرجى برؤه، أو المحبوس الذي يرجو خروج نفسه من الحبس فليس له أن يقيم غيره فيحج عنه؛ لأن الحديث قد ورد في الشيخ الكبير، وهو لا يرجى استطاعته على الحج، وألحق به المريض الذي لا يرجى برؤه. وأما من يرجى برؤه أو المحبوس الذي يرجو الخروج فليس أن ينيب غيره عنه لأن الأصل هو وجوب الحج بالنفس لا بالغير وهذا مرجو زوال العلة.

قال: (ويجزئ عنه وإن عوفي بعد الإحرام) .

لهذه المسألة صورتان:

الأولى: أن يشفى هذا المريض من مرضه الذي كان ميئوساً منه بعد قيام البدل بالحج وانتهائه منه، فإنه يجزئ عنه حجه ولا يجب عليه الحج، وهذا ظاهر؛ وذلك لأنه قد فعل ما أمر به، فقد أمر أن يدفع من ماله ما يحج به عنه ففعل ما أمر به فأجزأه ذلك عن حجة الإسلام وخرج ذلك من عهدته، ولأن هذا الحجة قد وقعت صحيحة مجزئة فلا دليل على إبطالها.

الثانية: أن يعافى المريض الذي لا يرجى برؤه بعد إحرام النائب عنه وقبل انتهائه من الحج.

مثال: رجل مريض لا يرجى برؤه دفع مالاً لمن يحج عنه، فلما أحرم هذا النائب وقال: لبيك عن فلان شفي هذا المريض، فإنه يجزئه ذلك عن حجة الإسلام ولا يجب عليه الحج – هذا قول في مذهب الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>