فالأصح أنه لا يجزئ عنه ـ كما لو تصدق بصدقة بنية أنها صدقة فإنها لا تجزئ عن الزكاة.
فإن النية: تمييز العبادة عن العبادة، فالنية تمييز غسل العبادة عن غسل التبريد، وكذلك تميز الطهارة المستحبة عن الطهارة الواجبة.
فهذا قد نوى طهارة شرعية لكنها ليست متضمنه لرفع الحدث (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) .
قوله: ((وإن نوى غسلاً مسنوناً أجزأ عن واجب وكذا عكسه)) :
فإذا نوى غسلاً مسنوناً كغسل الجمعة على مذهب جمهور الفقهاء (أجزأ عن واجب) كغسل الجنابة.
مثال: رجل أصبح يوم الجمعة وعليه جنابة فاغتسل ناوياً غسل الجمعة، فهل يجزئ عن غسل الجنابة؟.
قالوا: نعم، وقيده بعضهم: مع نسيان الحدث الأكبر.
إذن: هذا هو المشهور في المذهب وأنه إذا اغتسل بنية الغسل المسنونة كغسل الجمعة أو غسل العيد ولم ينو رفع الجنابة فإن ذلك يجزئ عنه.
والعلة هي: ما تقدم لأنها طهارة شرعية.
ـ وفي هذا ضعف كما تقدم.
ـ فالأرجح: وهو قول للحنابلة أنها لا تجزئ لحديث (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا قد تطهر طهارة لا ترفع بمثلها الأحداث وإنما تطهر طهارة مستحبه لا تطرأ على الأحداث فترفعها فهي طهارة مسنونة.
فالراجح: أنها لا تجزئ عنه.
وقد روى ابن حبان بإسناد حسن: (أن أبا قتادة رأى إبنه وهو يغتسل يوم الجمعة، فقال: (إن كنت على جنابة فأعد غسلاً آخر) (١) .
قوله: ((وكذا عكسه)) :
رجل عليه جنابة وهو في يوم جمعة فاغتسل عن الجنابة فهل يجزئ عنه في غسل الجمعة أم لا؟
قالوا: نعم يجزئ عنه.
واعلم أن العلماء قد اتفقوا على أنه إذا نواهما معاً فإنه يجزئ عنه.
أما هذه المسألة فتبحث فيما إذا انفرد بأحد النيتين، ففي المسألة السابقة إذا انفرد بنية غسل الجمعة.
وفي هذه المسألة إذا انفرد بنية رفع الجنابة فهل يجزئ عنه؟
قالوا: نعم يجزئ عنه.