للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودليل ذلك: - أي تغطية المرأة وجهها إن كان هناك أجانب – فقد ثبت في مستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن أسماء بنت أبي بكر قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال ونمتشط قبل ذلك في الإحرام) وفي موطأ مالك عن فاطمة بنت المنذر قالت: (كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر) .

وفي المسألة أثر مشهور لكن في إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف الحديث، وهو ما رواه أبو داود عن عائشة قالت: (كان الركبان ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفت) (١)

وقد تقدم الاستدلال بالأثرين المتقدمين، وكذلك ما تقدم عن عائشة وهو قولها: (فإن شاءت أسدلت ثوبها على وجهها) فهذه آثار عن هاتين الصحابيتين ولا نعلم لهما مخالف في هذه المسألة.

أما مسألة: أن المرأة إن لم يكن هناك أجنبي فلا يجوز أن تغطي وجهها ويجب أن تدعه مكشوفاً: فدليل ذلك: عند أهل العلم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: (ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)

قالوا: فهذا الحديث يدل على أن المرأة إحرامها في وجهها، وأنه ليس لها أن تغطي وجهها بالنقاب، وذكر النقاب إشارة إلى غيره مما يغطى به الوجه.

وقد صح عن ابن عمر – كما في البيهقي – بإسناد صحيح: أنه قال: (إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه)

وهذا المذهب هو مذهب فقهاء الأمصار، حتى قال الموفق: (لا يعلم بين أهل العلم في هذه المسألة خلاف) فهي مسألة متفق عليها عند أهل العلم.

ولكن ذهب بعض فقهاء الحنابلة إلى إطلاق جواز السدل، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام، واختيار تلميذه ابن القيم: وأنه يجوز لها أن تسدل جلبابها على وجهها مطلقاً سواء كان ذلك في حضرة الأجانب أم لا.


(١) أخرجه أبو داود باب في المحرمة تغطي وجهها، وأحمد، والبيهقي باب تلبس الثوب.. من كتاب الحج، المغني [٥ / ١٥٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>