قوله: ((واستصحاب ذكرها في جميعها، ويجب استصحاب حكمها)) :
قوله: ((واستصحاب ذكرها في جميعها)) : المراد بالذكر التذكر.
فهنا: يسن له أن يستصحب التذكر بمعنى: يكون قلبه متذكراً أنه إنما يتوضأ لله ولإقامة الصلاة.
هذا هو السنة لتكون أفعاله كلها متعلقة بالنية لله عز وجل.
ـ هذا مستحب وليس بواجب، فلو غفل عن تذكر النية فإنه لا يضره.
ـ بمعنى: رجل نوى الوضوء ثم غفل عن النية واستمر في الوضوء فإنه لا يضره ذلك باتفاق العلماء، إذ لا يشترط تذكر النية بل هو مستحب لتكون أفعاله متعلقة بنيته.
ولكن قال: ((ويجب استصحاب حكمها)) : هذا هو الواجب أن يستصحب حكمها، والمراد بحكمها نية إبقائها وعدم قطعها، فينوي الوضوء ويستمر فيه حتى ينتهي منه من غير أن ينوي أن يقطعه.
ـ رجل لمَّا غَسَّل وجهه وغسل يديه نوى أن يقطع الوضوء فقطع النية، فإنه ـ حينئذ ـ يبطل وضوؤه؛ لأنه قطع النية بقطع حكمها.
وأما إذا لم ينو قطع ذلك فإن وضوءه صحيح.
إذن: لا يشترط تذكر النية وإنما يشترط استصحاب حكمها.
إذن: يشترط في النية أن يبقى مستصحباً لحكمها وهو نية عدم قطعها والبقاء عليها.
فإن خالف فإن وضوءه يَبطُل بذلك.
وأما تذكر النية فإنه مشروع لتبقى أفعاله متعلقة بنيته.
ـ فإن نوى قطع العبادة بعد فعلها فإنه لا يضره باتفاق العلماء، فإن قطع النية بعد إنتهاء العبادة لا أثر له إجماعاً.
ومثل ذلك الشك فإن الشك بعد العبادة لا يؤثر.
فإذا توضأ ثم شك هل سَمَّى أم لا؟
فإن هذا الشك بعد العبادة لا يؤثر.
ـ فالشك بعد العبادة وقطع النية ليس لهما أثر باتفاق العلماء.
إذ العبادة أولا صحت فقطع النية لا أثر له بعد رفعها إلى الله وثبوتها.
وأما الشك فإنه طرأ على يقين فإن العبادة إذا انتهت فقد تيقن قبولها فليس له بعد ذلك أن يشك فيها والشك يكون طارئاً على يقين فلا أثر له.
والحمد لله رب العالمين.
الفهرس:
كتاب الطهارة
إلى
من
الموضوع
٢١
١
المقدمة
٧٣
٢٢