للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: لأن الله عز وجل أطلق في فدية الأذى ولم يفرق فيمن حلق رأسه متتابعاً، أو فيمن حلقه متفرقاً بأن حلق ثم حلق.

وأشبه ذلك إقامة الحدود الشرعية، فإن الرجل إذا تكرر زناه بامرأة أو قذفه لرجل ولم يقم عليه الحد فإنه لا يقام عليه الحد إلا مرة واحدة فهنا كذلك.

إذاً: إن فعل فعلاً من محظورات الإحرام من جنس فكرره في نسكه كأن يكرر في حجه لبس المخيط مرتين أو ثلاثاً، أو أن يفعله متتابعاً، فيستمر في نسكه كله لابساً لثوبه أو أن يفعله ثم يخلعه، أو أن يخلعه ثم يلبسه مرة أخرى فإذا لم يتخللها كفارة فإنه لا يفدي إلا مرة واحدة، أشبه ما يكون هذا بإقامة الحدود.

وأشبه أيضاً الأيمان فإن حلف يميناً ثم حنث فيها فحنث فحنث فكرر ذلك فإنه لا يكفر إلا مرة واحدة.

وظاهر كلام المؤلف رحمه الله تعالى أنه إذا فدى فإنه يلزمه أن يفدي مرة أخرى وثالثة وهكذا.

فلو أن رجلاً لبس ثوبه في يوم التروية ثم فدى (فذبح أو صام أو أطعم) ثم لبسه في المساء أو في الغد فإنه عليه فدية أخرى.

قالوا: لأن المحظور الثاني وإن كان من جنس الأول لكنه صادف إحراماً خالياً من فعل محظور تجب فيه الفدية.

ففعله للمحظور مرة ثانية أو ثالثة صادف إحراماً خالياً من محظور موجب للفدية فلا موجب حينئذٍ لإسقاطه.

إذن: إذا فعل محظوراً من جنس واحد وكرره فلا يخلو من حالين:

الأولى: أن يتخلل ذلك فدية، بمعنى: يفعل المحظور ثم يفدي ثم يفعله مرة ثانية فتجب عليه الفدية مرة أخرى لأن فعله الثاني صادف إحراماً خالياً من فعل موجب للفدية، فلا موجب حينئذٍ لإسقاط الفدية عنه كما لو زنى فأقيم عليه الحد ثم زنى مرة أخرى فإن الحد يقام عليه مرة أخرى.

الثاني: ألا يتخلل ذلك فدية، فإنه ليس عليه إلا فدية واحدة لأن الله عز وجل لما أمر بالفدية أطلق فمن فعل هذا المحظور فواجب عليه أن يفدي وظاهر هذا الإطلاق ثبوته بالتفرق كثبوته بالتتابع فأشبه ذلك إقامة الحدود.

<<  <  ج: ص:  >  >>