* أما الصورة الثانية: وهي فيما إذا دل المحرم محرماً مثله على صيد فقتله:
١- قال الحنابلة: يشتركان في الجزاء أي المتسبب والمباشر.
قالوا: لأن كليهما قد فعل المحظور، فهذا قد فعل المحظور بالقتل وهذا قد فعل المحظور بالإشارة والدلالة.
٢- وقال المالكية والشافعية: يجب الجزاء على المحرم الذي قتله مباشرة وأما المتسبب فعليه الإثم فحسب.
وهذا هو الراجح، لأن الضمان يجب على المباشر ولا يجب على المتسبب إلا إذا لم تمكن إضافته إلى المباشر فإنه حينئذٍ يضاف إلى المتسبب وهنا يمكننا أن نضيفه إلى المباشر فيغلب جانب المباشر على المتسبب.
قال تعالى في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم}
* جمهور أهل العلم على أن المثلية في الصورة والخلقة، فمن صاد صيداً فعليه مثله صورة وخلقة من النعم وهي بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، وهذا تقريب لا تحقيق، فهو تقريب؛ لأن التحقيق متعذر، فالمسألة مسألة تقريبية.
وفي قوله تعالى: {هدياً بالغ الكعبة} هل يشترط في الهدي الذي هو من جزاء الصيد، هل يشترط فيه ما يشترط في الهدي الذي هو واجب على المتمتع من السن ونحو ذلك من الشروط؟
آثار الصحابة تدل على خلاف هذا، فقد فرضوا العناق والجفرة ونحوها وهي لا تجزئ في الهدي ولا في الأضحية، هذا الذي يدل عليه إجماع الصحابة.
فهو في حكم الهدي في كونه يكون لمساكين الحرم، ولا يشترط ما يشترط في الهدي من السن ونحوها.
وقد قال تعالى قبل ذلك: {يحكم به ذوا عدل منكم}
لا خلاف بين أهل العلم أن ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فإنه يجب العمل به.
كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم: (أن في الضبع كبشاً) (١) كما ثبت هذا في أبي داود وغيره والحديث صحيح.
(١) أخرجه أبو داود كتاب الأطعمة، باب في أكل الضبع، رقم ٣٨٠١. الإرواء ١٠٥٠، ١٠٥١.