للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- وذهب المالكية واختار ذلك ابن المنذر إلى أنه لا جزاء فيه وذلك لأن الضمان يحتاج إلى دليل ولا دليل يدل عليه، والأصل براءة ذمة المكلف من أن يلحق به غرامة مالية.

والأظهر ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب الضمان قياساً على الصيد بجامع أن كليهما ممنوع في الحرم، ولما سيأتي في الكلام على شجر الحرم المدني من ثبوت السلب فيه، فأولى من ذلك أن يثبت في حرم مكة الجزاء.

والأصح من قولي الجمهور: ما ذهب إليه الأحناف من وجوب القيمة فيقوم ما قطع أو احتش.

* واعلم أن القطع الذي يترتب عليه الجزاء إنما هو القطع المتلف، وأما إن قطعه ثم نقله إلى موضع آخر فلم يتلف الشجر فإنه لا يترتب عليه الجزاء حينئذٍ.

ولا يجوز له أن ينقله إلى خارج الحرم لأن ذلك مظنة لإتلافه.

واعلم أن الأغصان تلحق الأصل فلو أن شجرة في طرق الحرم جذرها، وأغصانها تخرج إلى الحل فإنه لا يجوز أن يقطع شيء من أغصانها لأنها تبع لأصلها وأصلها في الحرم (١) .

قال: (ويحرم صيد المدينة)

صيد المدينة يحرم لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المدينة حرام ما بين عَيْر إلى ثور) (٢)

وفي مسلم: (لا يقطع عِضاها " وهو الشجر ذو الشوك " ولا يصاد صيدها) (٣)

وفي مسند أحمد وأبي داود وتمامه لأحمد: والحديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشار بها ولا يقطع فيها شجرة إلا أن يَعْلِف رجل بعيره) (٤)


(١) قال في المغني [٥ / ١٨٩] : " وإن كانت في الحل وغصنها في الحرم فقطعه ففيه وجهان.. ".
(٢) أخرجه البخاري ومسلم، الإرواء ١٠٥٨.
(٣) مسلم وأبو نعيم وأحمد، الإرواء ١٠٥٨ [٤ / ٢٥١] .
(٤) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي كما في الإرواء [٤ / ٢٥١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>