للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: يستحسن له أن يرفع يده ثم يرمي بالحجر ولا نقول إن هذا سنة لا سيما تقييده بأن يرى بياض إبطه لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: (ويكبر مع كل حصاة)

لما تقدم في حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يكبر مع كل حصاة) (١) أي يقول الله أكبر.

قال: (ولا يجزئ الرمي بغيرها)

فلا يجزئه أن يرمي بغير الحصى فلو رمى بغير الحصا كالمدر أو الكحل أو ذهب أو فضة أو نحو ذلك مما ليس بحجر ولا يسمى حجراً فإنه لا يجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بالحصى، فقد أمر ابن عباس أن يلقط له حصيات، وقال: (بمثل هؤلاء) (٢) أي فارموا، فهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهديه وكل فعل يخالف هديه فهو رد.

ومثل ذلك لو رمى بحجر كبير فإنه لا يجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم: رمى بحصى الخذف وقال: (بمثل هؤلاء وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) فهنا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرمي بأكبر من حجر الخذف وذكر أنه غلو في الدين، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو فاسد، وهو أصح الوجهين في مذهب الإمام أحمد، فالنهي يقتضي الفساد.

قال: (ولا بها ثانياً)

ليس له ولا لغيره أن يرمي بحصاة قد رمى بها وذلك لأنها استعملت في عبادة، فأشبه ذلك الماء المستعمل في الوضوء فإنه لا يجوز الوضوء به في المشهور من مذهب الحنابلة.

وقال الشافعية: له أن يرمي بحصاة قد رمى بها، كأن يأخذ من المرمى حجراً فيرمى به ثانياً.


(١) صحيح مسلم باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والبخاري، سيأتي ص١١٤.
(٢) سبق ص١١١

<<  <  ج: ص:  >  >>