أي يجزئه قوياً أو ضعيفاً أن يرمي بعد نصف الليل، وتقدم ضعف هذا القول وأن الراجح أنه إن كان من الأقوياء فلا يرمي إلا بعد طلوع الشمس وإن كان من الضعفاء فبعد طلوع الفجر.
واعلم أن أهل العلم قد أجمعوا على أن رمي جمرة العقبة يمتد إلى غروب الشمس حكى الإجماع ابن عبد البر ويدل عليه ما ثبت في البخاري:(أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: رميت بعدما أمسيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارم ولا حرج)(١) والمساء: من زوال الشمس إلى أن يشتد الظلام.
وقيل: إلى نصف الليل.
والمشهور هو الأول.
واختلفوا في الرمي ليلاً هل يجزئ أم لا؟
الحنابلة قالوا: لا يجزئ أن يرمي ليلاً، ومن فاته الرمي نهاراً فغربت الشمس ولم يرم، فإنه يرمي من الغد بعد زوال الشمس – أي في اليوم الحادي عشر -.
وقال المالكية والشافعية: يجزئه أن يرمي ليلاً إلا أن المالكية قالوا: عليه دم فهو عندهم من باب القضاء لا من باب الأداء وأما الشافعية فهو عندهم من باب الأداء ولا دم عليه.
استدل الحنابلة: مما ثبت في البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: (من نسى رمي الجمار إلى الليل فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد) والإسناد إليه صحيح.
وأما حجة المالكية والشافعية: فاستدلوا: بحديث البخاري المتقدم ففيه أن السائل لما قال: (رميت بعدما أمسيت قال له: النبي صلى الله عليه وسلم: ارم ولا حرج) قالوا: والمساء يصدق على جزء من الليل كما أنه يصدق على جزء من النهار باتفاق أهل اللغة.
فإن ما قبل اشتداد الظلام بعد غروب الشمس هو من المساء اتفاقاً قالوا: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(١) أخرجه البخاري باب الذبح قبل الحلق، وباب إذا رمي بعدما أمسى من كتاب الحج. المغني [٥ / ٢٩٥] .