للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو سلمنا أنه معلق فإن معلقات البخاري صحيحة حيث جزم بها، فإن القاعدة عند أهل العلم أن ما جزم به البخاري من المعلقات عما كان من الطبقات العليا أنه صحيح إلى من جزم إليه، فكيف إذا كان المجزوم عنه به من شيوخه لا شك أنه أولى بالقبول.

على أن الحديث ثبت موصولاً فقد رواه مسلم خارج صحيحه موصولاً ورواه الإسماعيلي في مستخرجه موصولاً، ورواه عنه البيهقي في سننه موصولاً، فالحديث ثابت موصولاً.

فعلى ذلك الحديث صحيح ثابت قطعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا وجه لتضعيف الحديث.

وأجاب أهل القول عن حديث جابر فإنه مشكل في هذا الباب أجابوا عنه بأن مراده القارنون بدليل ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قارناً فإنه قال: (لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه إلا طوافاً واحداً) (١) قالوا: فهذا المحكي عن جابر إنما كان في القارنين.

وهذا فيه نظر – أي هذا الجواب – لما تقدم من قول جابر في روايته الأخرى قال: (فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا طوافنا الأول بالصفا والمروة) (٢) فدل على أنه في المتمتعين.

وحينئذ يكون الخروج من هذا بالترجيح لا بالجمع فيقال:

عندنا إثبات ونفي فابن عباس يثبت الطواف بالصفا والمروة وكذلك عائشة فإنها تثبته وأما جابر فإنه ينفي ذلك ولا شك أن المثبت مقدم على النافي وأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، فحفظت لنا عائشة وابن عباس أن المتمتعين قد طافوا بالصفا والمروة طوافاً آخر، وأما جابر فقد نفى ذلك، ولا شك أن المثبت مقدم على النافي.

والوجه الثاني من الترجيح: أن يقال: قد ثبت حديث عائشة في الصحيحين وأما حديث جابر فهو في مسلم ولا شك بترجيح أحاديث الصحيحين على أحاديث مسلم.

كما أن حديث ابن عباس ثابت في البخاري فهو مرجح على حديث جابر حيث هو ثابت في مسلم.


(١) سبق ص١٢٤
(٢) سبق أنه أخرجه مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي [٨ / ١٦١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>