للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودليل هذه المسألة: قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه (١) } فجعل اليومين ظرفاً للتعجل واليوم ينتهي بغروب شمسه فإذا غربت الشمس انتهى اليوم ولا شك أنه إذا تعجل وقد غربت الشمس في اليوم الثاني من أيام التشريق فإنه لم يتعجل في اليومين.

فإذن: التعجل في اليومين رخصة لمن خرج من منى قبل غروب الشمس أما إذا غربت عليه الشمس ودخل الليل من ليلة الثالث عشر فإنه يجب عليه المبيت والرمي بعيد زوال الشمس، ولما ثبت في موطأ مالك بإسناد صحيح عن ابن عمر: قال: (من غربت عليه الشمس من وسْط أيام التشريق " وهو اليوم الثاني عشر وهو يوم النفر الأول " فلا ينفر ثم ليرم الجمار من الغد) (٢) .

ولا يعلم له مخالف وهذا هو مذهب جماهير العلماء، وأن من غربت عليه الشمس فلا يجوز له التعجل بل يجب عليه أن يبيت بمنى تلك الليلة ويرمي الجمار بعد زوال الشمس وذلك لأن التعجل رخصة لمن لم تغرب عليه الشمس.

* واعلم أن ما تقدم من إجزاء الرمي - أي الجمع فيه - في اليوم الثالث عشر للمعذورين وأنه لا دم عليه لحديث البيتوتة بمنى لرعاء الإبل وكانوا معذورين في ذلك – يلحق به كل معذور من مريض أو نحو ذلك وخائف فوات مال.

وهذا له صور، فإن كثيراً من النساء يشق عليهن أن يرمين في يوم النفر الأول، وهنَّ يرون التأخر إلى اليوم الثالث عشر فلا حرج عليهن ألا يرمين في الثاني عشر ويؤخرنه إلى الثالث عشر للعذر فإن الزحام في ذلك اليوم شديد، ولا شك أن الرمي بعد غروب الشمس محل حرج في النفس فيؤخر ذلك إلى بعد زوال الشمس من الغد.


(١) سورة البقرة ٢٠٣
(٢) الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي باب رمي الجمار من كتاب الحج رقم ٩٢٥ بلفظ: " من غربت له الشمس من أوسط أيام التشريق وهو بمنى، فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>