إذا أراد الحاج الخروج من مكة فيجب عليه قبل خروجه أن يطوف للوداع، ويسمى طواف الصدر، ويسمى بطواف الوداع؛ لأنه آخر العهد بالبيت، فهو توديع له من جنس توديع القريب أقاربه عند سفره.
وسمي بطواف الصدر؛ لأنه يقع عند صدور الناس متوجهين من مكة إلى بلادهم، كما أن طواف الزيارة فيما تقدم يسمى طواف الصدر عند بعض أهل العلم؛ لأنه يفعل عند الصدور من منى إلى مكة.
ولا مشاحة في التسمية؛ لوجود العلاقة بين المسمى وتسميته في اللفظين كليهما.
وفي قول المؤلف " إذا أراد الخروج " ما يدل على أن من لم يرد الخروج سواء كان مقيما في مكة أو بدت له الإقامة فيها أنه لا يشرع له طواف الوداع، ولا يجب عليه؛ لأنه إنما شرع للمفارقين لا للملازمين، فإن الوداع لا يقع من ملازم مقيم وإنما يقع من مفارق.
ودليل طواف الوداع: ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض "(١) ، أي آخر عهدهم بالبيت طوافاً، فإن السعي إنما يشرع في حج أو عمرة، وهذا بالإجماع، وأن المراد هنا إنما هو الطواف.
ثم إن السعي بين الصفا والمروة لم يكن في البيت، بل هو خارج عنه.
ففي هذا الحديث دليل على وجوب طواف الوداع لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قول الصحابي:" أمر الناس ".
وفي قوله:" إلا أنه خفف عن الحائض "، ما يدل على وجوبه؛ لأن السنة مخفف فيها أصلاً، فلا تحتاج إلى تخفيف عن طائفة، فدل هذا على أن طواف الوداع واجب.
(١) أخرجه البخاري باب طواف الوداع، ومسلم باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض من كتاب الحج، المغني [٥ / ٣٣٧]