للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعللوا ذلك: بأن الشارع قد نهى عنه فكيف يستباح من أجل رخصة.

الحالة الثانية: ما كان نجساً حكماً فهو في الأصل طاهر لكن وقعت عليه النجاسة، فيصح أن يمسح على الخف. لأن إزالة النجاسة شرط في الصلاة وليس شرطاً في الوضوء وقد تقدم البحث في هذا في مسألة هل يجوز الوضوء قبل الاستنجاء.

إذن: إن كان نجس العين فلا يصح، وأما إذا كان نجس الحكم فإنه يصح المسح عليه.

وهناك تعليل آخر – في مسألة ما كان نجس العين – وهي أنه عندما يمس الماء فإن الماء ينجس بذلك فتكون الطهارة بماء نجس.

فإن كان جلداً رقيقاً عليه مادة أخرى بحيث إن الماء لا يتغير بالنجاسة ففي عدم إجزاء المسح عليه نظر، نعم هو محرم لكن في عدم الإجزاء نظر.

إذن: إذا مسح علي خف من جلد نجس العين فقد حرمه الحنابلة وقالوا: هو لا يجزئ.

ونحن نوافقهم علي التحريم.

وأما الإجزاء فإننا نقول:

إن كان الماء ينجس بالملاقاة فما قالوه قوي؛ لأن التطهر حينئذ يكون بماء نجس.

وأما إذا كان لا يتغير كأن يكون مطلياً بمادة أخرى فإن في عدم الإجزاء نظر، بل الأظهر أن ذلك يجزئ مع التحريم.

ومثل ذلك: فيما إذا كان محرماً، فإنه قيده بقوله (مباح) أي على أن يكون الخف مباحاً أي حلالاً، فإذا كان الخف مما يحرم أن يستخدمه كأن يكون مغصوباً فلا يجوز المسح عليه. لكن هل يجزئ المسح عليه؟

قالوا: لا يجزئ لأن هذا الخف منهي عن لبسه فلا تستباح بمثله رخصة.

والأظهر ما تقدم: وأنه يجزئ، وهو قول في المذهب مع أنه يكون آثماً للبسه هذا الخف المحرم.

فإذا كانت هناك ضرورة فلبس خفاً محرماً فحينئذ يزول التحريم؛ لأن المحرمات تباح عند الضرورة.

إذن: إذا لبس خفاً محرماً فالمشهور في المذهب أنه لا يجزئ لأنه منهي عنه فلا تباح الرخصة.

وذهب بعض الحنابلة إلي أنه يجزئ عنه وهو أرجح فإن الرخصة في المسح، أما ما فعله فإنه يكون آثماً عليه، والعلم عند الله تعالى.