في قوله " غير حائض ": ما يدل على أن الحائض لا يجب عليها طواف الوداع، بل لا يصح منها.
ودليل ذلك ما تقدم من قول الصحابي:" إلا أنه خفف عن الحائض "، وفي حديث صفية ما تقدم من قوله (أحابستنا هي) ، فلما قيل له: إنها طافت للزيارة، قال:(اخرجوا) .
فدل هذا على سقوط طواف الوداع عن الحائض وأنه لا يجب عليها أن تنتظر حتى تطهر ثم تطوف، بل يسقط عنها، وإن كان طهرها قريبا، فما دام أنها انتهت من حجها ومناسكها وأرادت الخروج، فإنه لا يجب عليها أن تنتظر حتى تطهر، بل قد خفف عنها ذلك.
وكذلك النفساء، فأحكام الحائض ثابتة للنفساء مما يجب ومما يسقط، باتفاق العلماء، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة وقد حاضت:" لعلك نفست "، ومن ذلك سقوط طواف الوداع عنها.
قوله:" وإن تركه رجع إليه ": فإن تركه ممن يجب عليه، فإنه يرجع إليه؛ لأنه واجب، فيجب عليه أن يفعله، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(١) ، وهو مستطيع فلا مشقة عليه في الرجوع. [انظر الكلام في آخر هذا الدرس]
قوله:" فإن شق ": فإذا شق عليه ذلك، كأن يكون قد بعد بمسافة قصر أو كان دون مسافة القصر، لكن فيه مشقة عليه، كأن يكون مريضاً يشق عليه تحمل المسافة مرة أخرى، أو أن يكون قصد رفقة يخشى فواتهم، فإنه لا يجب عليه الرجوع.
وعندهم المسافة البعيدة هي مسافة القصر فما فوق، وأما القريبة فهي دون مسافة القصر.
فإذا شق عليه ذلك، فإنه لا يجب عليه الرجوع ويجب عليه دم، أو كانت المسافة بعيدة، فعليه دم.
" أو لم يرجع ": أي كانت المسافة قريبة ولا مشقة عليه في ذلك فلم يرجع، فإنه يجب عليه دم؛ لأنه تارك لشيء من نسكه.