ولا يستحب كما قرر هذا شيخ الإسلام ولا يشرع: أن يعتمر المكي أو غيره من النازلين بمكة أن يعتمروا من التنعيم خارجين إليه للعمرة فالعمرة إنما تشرع للقادمين – أي بأن يأتي من خارج مكة قادماً إلى مكة فيعتمر أما أن يتكلف الخروج من مكة للعمرة فليس بمشروع ولا مستحب.
ودليل هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم – وقد اعتمر مراراً وحج حجة الوداع لم يتكلف هذا، فلم يخرج من مكة لا إلى التنعيم ولا إلى غيره ليعتمر منه خارجاً من مكة وكذلك أصحابه من المكيين وغيرهم لم يصح عن أحد منهم مع توافر الهمم لنقل ذلك – لم يصح عنهم الخروج من مكة لأجل العمرة لا إلى التنعيم ولا إلى غيره.
ومن هنا أسقط العمرة - من أوجبها، أسقطها - عن المكيين كما تقدم، وهو مذهب الإمام أحمد وغيره من أهل العلم ولذا قال ابن عباس – كما في مصنف ابن أبي شيبة وغيره:(يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطواف بالبيت) ونحوه عن عطاء إمام أهل زمانه في المناسك فإنه كان يقول: " يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطواف بالبيت " رواه ابن أبي شيبة.
وقال طاووس – كما رواه سعيد بن منصور كما حكى ذلك شيخ الإسلام قال:" لا أدري الذين يعتمرون من التنعيم أيؤجرون أم يعذبون، قيل: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت ويخرج أربعة أميال وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتى طواف فكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء ".
ولذا لما سئل عطاء وهو إمام أهل مكة – كما روى ذلك عبد الرزاق في مصنفه: أنه سئل فقيل له: " أأعتمر من الشجرة " أي من الحديبية أي من شجرة الرضوان فقال: لا ".