يجب عليه القضاء لظاهر الآثار فإن أثر عمر المتقدم ظاهره أنه عليه الحج من قابل مطلقاً ولم يستفصل عمر أهي حجة تنفل أو حجة فريضة، فلم يستفصل وأعطى حكماً عاماً فدل على أن الحكم يشمل الحجة التي فات الوقوف فيها وهي تطوع كما أنه شامل للحجة التي فات الوقوف فيها وهي فريضة.
قالوا: ولأن الله عز وجل قال: {وأتموا الحج والعمرة لله}(١) فالحج يجب بالشروع فيه، وحيث وجب بالشروع فيه، فإذا فاته الوقوف في هذه السنة فيجب عليه أن يأتي به في سنة أخرى كالنذر.
وأما حُجة الإمام أحمد في الرواية غير المشهورة عنه: فهي أن الشارع لم يوجب الحج إلا مرة واحدة، وحيث كان ذلك فلا يوجب عليه حجة أخرى.
والراجح هو القول الأول لقوة دليله، فإن الله عز وجل قال:{وأتموا الحج والعمرة لله} وحيث فاته الوقوف وقد شرع في الحج فإن الحج لازم في ذمته واجب عليه، فحيث لم يتمكن منه هذه السنة فإنه يجب عليه في السنة الأخرى.
ثم عندنا ذاك الأثر عن عمر ولم يستفصل وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، ولا أثر يخالفه ولا حديث يخالفه عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالراجح أنه يجب عليه القضاء مطلقاً.
مسألة:
إذا فات رجل الوقوف بعرفة فهل يجوز له أن يختار البقاء على إحرامه إلى السنة القادمة. فيقول: أنا نويت الحج وأريد إبقاءه ولو كان ذلك إلى السنة القادمة. هل يجوز له هذا؟
١- قال الحنابلة: يجوز له هذا قياساً على العمرة، فكما أن العمرة يجوز أن يبقى محرماً بها السنة والسنتين والثلاث فكذلك الحج.
٢- وقال جمهور العلماء وذكره الموفق احتمالاً: لا يجوز ذلك ولا يجزئ بل يجب عليه أن يتحلل منه بعمرة كما تقدم.