فعن الإمام أحمد روايتان ودليل الرواية الثانية: ما ثبت عند الخمسة بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كُسر أو عُرج فليتحلل وعليه الحج من قابل) (١)
ولقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} فهذا قد نوى الحج فوجب عليه أن يتمه وحيث لم يمكنه الإتمام في هذه السنة فإن عليه أن يحج في السنة القادمة كما تقدم في استدلالهم في المسألة السابقة.
والنص المتقدم ظاهر في هذا والنبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق ولم يفرق بين حجة الفريضة وحجة النافلة. فمن أحصر في فريضة أو نافلة فإن عليه أن يحج من قابل، وهذا هو الأرجح. فالراجح أن المحصر يجب عليه أن يحج من قابل، وهو رواية عن الإمام أحمد.
قال: (فإن فقده صام عشرة أيام ثم حل)
أي فقد الهدي فإنه يصوم عشرة أيام ثم يحل.
فعندهم أنه يسقط عنه الهدي لبدلٍ وهو الصيام - وليس له أن يتحلل حتى يصوم؛ لأنه بدل عن الهدي، ولا يتحلل حتى ينحر الهدي – هذا هو المذهب.
وقد تقدم هذا وأن الراجح أنه يسقط عنه الهدي لا إلى بدل كما هو مذهب بعض أهل العلم، فقد تقدم ذكر هذه المسألة في باب سابق.
فالراجح: أن من عجز عن الهدي فإنه يسقط عنه لا إلى بدل لأن الله لم يذكر البدل وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وتقدم إبطال قياسهم على هدي التمتع في باب سابق. (انظر باب الفدية)
قال: (وإن صد عن عرفة تحلل بعمرة)
أي رجل لم يُصدَّ عن البيت فيمكنه أن يطوف ويسعى ولكنه صُد عن عرفة التي هي ركن الحج.
فحينئذٍ حكمه: أنه يتحلل بعمرة ولا هدي عليه ولا قضاء.
فلو أن رجلاً قال: لبيك حجاً فلما أتى مكة أُحصر عن الوقوف بعرفة فحينئذٍ نقول: اقلب حجك إلى عمرة فطف بالبيت وبالصفا والمروة وحلق أو قصر ولا شيء عليك.
(١) تقدم ص٥