للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا: بما رواه الترمذي من حديث هُزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (مسح على الجوربين والنعلين) (١) .

والحديث حسنه الترمذي، ولكن هذا التحسين منه مخالف بعامة أهل الحديث، فإن عامة أهل الحديث خالفوا الترمذي في ذلك، ومن هؤلاء عبد الرحمن بن مهدي وابن معين وسفيان الثوري والإمام أحمد وكذلك ضعفه النسائي وغيرهم، وتضعيفهم ليس لسنده فإن سنده صحيح وإنما التعليل لأن عامة الرواة عن المغيرة سوى هزيل بن شرحبيل قد رووه بلفظ المسح على الخفين لا المسح على الجوربين، فخالف عامتهم فرواه بلفظ المسح علي الجوربين، فكان الحديث بذلك شاذاً، فالحديث إذن: معلل عند عامه أهل العلم.

واستدلوا: بالقياس الصحيح، فإن الجوربين كالخفين ولا فارق مؤثر بينهما فالخفان وإن كان يمكن المشي بهما على الأرض فإن هذا السبب ليس مما يغير من الحكم شيئاً، فإن الجوارب تلبس معها النعال فتكون كهيئة الخفاف تماماً.


(١) أخرجه الترمذيفيكتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين (٩٩) قال: " حدثنا هنَّاد ومحمود بن غيلان قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هُزيل بن شُرحبيل عن المغيرة بن شعبة قال: توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح على الجوربين والنعلين " قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على الجوربين وإن لم تكن نعلين إذا كان ثخينين. وقال وفي الباب عن أبي موسى. قال أبو عيسى: سمعت صالح بن محمد الترمذي قال: سمعت أبا مقاتل السمرقندي يقول: دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه فدعا بماء فتوضأ وعليه جوربان فسمح عليهما ثم قال: فعلت اليوم شيئاً لم أكن أفعله، مسحت على الجوربين وهما غير منعَّلين ".