وهذا مبني على القول الراجح في مسألة جواز التعزير بالمال. كما تقدم في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ـ في زكاة السائمة ـ:} وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ { (١) وغير ذلك من الأدلة الدالة على هذه المسألة وسيأتي الكلام عليها في باب التعزير إن شاء الله تعالى.
فالتعزير بالمال جائز وتدخل فيه هذه المسألة فللإمام أن يعزر بتحريق متاعه.
فإن قيل: هذا فيه إتلاف للمال وإفساد له
فيقال: نعم، لكن لمصلحة راجحة وهي عظم التنكيل وشدة التأنيب فإن في ذلك تنكيلا ظاهرا به.
الترجيح:
وهذا القول الثالث هو الراجح في هذه المسألة واستظهره صاحب الفروع وصوبه صاحب الإنصاف.فالراجح إذن اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ وأن تحريق المتاع جائز للإمام إن رأى مصلحة شرعية في ذلك.
* مسألة: وهل يمنع من سهم الغنيمة؟
الجواب:
لايمنع من سهمه من القسمة كما هو المشهور في مذهب أحمد وغيره.
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يصح عنه أنه منع من غلّ من سهمه أو استرده منه.
وهو حق مالي ثابت له فلا يمنع منه بمعصية.
القول الثاني:
وعن الإمام أحمد رواية أخرى أن الإمام يمنعه من سهمه.
وهذا القول ظاهر في باب التعزير المالي. فللإمام أن يعزره بأن يمنعه سهمه. وله أن يعطيه سهمه ويعزره بباب آخر من أبواب التعزير.
إذن: للإمام أن يمنعه من سهمه تعزيرا له. وهذا داخل في مسألة التعزيز بالمال.