قوله (أو منفعة مباحة كممر في دار) فالمنفعة المباحة يقع عليها البيع، مثاله: ما ذكره المؤلف وهو أن يبيع ممرا، فلو أن رجلا بين داره وبين الشارع أرض لرجل آخر، فاشترى منه المرور ليتمكن من الوصول إلى الشارع، فهنا قد اشترى منه المرور، فهو لا يملك الأرض قرارها وهواءها، لكن هو يشتري المرور على هذه الأرض، فلم يقع التبايع على شيء لا مال معين ولا مال في الذمة، وإنما وقع على منفعة مباحة، ومثال آخر: أن يحتاج إلى أن يحفر بئرا في أرض عند داره، فيشتري من جاره هذه المنفعة، فيقول: احفر في أرضك بئرا بكذا وكذا من المال، فلا يكون من باب الإجارة، بل يكون البئر ملك له دائم، ولصاحب الأرض أن يبني فوقه لأنه يملك الهواء، وهذا إنما ملك هذا الحفر الذي حفره وانتفع به، وأما أصل الأرض وهواؤها فإنه لا يملكه، فهذا نوع ثالث، فالنوع الأول: مال معين، والنوع الثاني: مال في الذمة، والنوع الثالث: منفعة مباحة، وحينئذ تكون الصور تسعا، أي ثلاثة في ثلاثة وهي:
١- مال معين بمال معين.
٢- مال معين بمال في الذمة.
٣- مال معين بمنفعة مباحة.
٤- مال في الذمة بمال معين.
٥- مال في الذمة بمال في الذمة.
٦- مال في الذمة بمنفعة مباحة.
٧- منفعة مباحة بمال معين.
٨- منفعة مباحة بمال في الذمة.
٩- منفعة مباحة بمنفعة مباحة.
وقد قيد المؤلف المنفعة بكونها مباحة، فدل على أن المنفعة المحرمة لا تجوز، فلو اشترى منه الممر ليكون له حانة خمر، أو دار زنا أو نحو ذلك، فإن ذلك لا يجوز، لما سيأتي في شروط البيع، وأن الذي يقع عليه العقد لا بد أن يكون مباحا.