وقال الأحناف: بل يجوز بيع الأراضي أيضا، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد واختار هذا القول شيخ الإسلام، وذلك لأن الوقف فيها ليس كالوقف الذي لا يجوز بيعه، بل هو وقف عام، يقصد منه إعطاء من كانت بيده الخراج عليها، فالمقصود أن من كانت بيده ينتفع بها فإنه يعطي بيت المال خراجها، ولذا جاز فيها التوارث، مع أن الوقف لا توارث فيه، وهذا القول هو الراجح، قال شيخ الإسلام:" وعليه عمل الأمة " ا. هـ، فالصحيح أن أراضي العنوة كأراضي مصر والشام والعراق يجوز بيعها، كما يجوز بيع المساكن وإجارتها.
* مسألة:
الصحيح من أقوال أهل العلم أن مكة قد فتحت عنوة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أحلت لي ساعة من نهار)[خ ١٠٤، م ١٣٥٤] لكن اختلف العلماء في رباع مكة، هل يجوز بيعها وإجارتها أم لا يجوز؟ والمراد بالرباع: المنازل.
القول الأول: وهو مذهب الجمهور من الأحناف والمالكية والحنابلة أن ذلك لا يجوز، فالبيع والإجارة غير جائزين، بل صاحب المنزل أحق به ما دام محتاجا إليه، فإذا استغنى عنه فليس له أن يبيعه ولا أن يؤجره، واستدلوا بما رواه الحاكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(مكة كلها حرام، وحرام بيع رباعها وحرام أجرته)[كم ٢ / ٣٥] ونحوه عند سعيد بن منصور في سننه عن مكحول مرسلا، قالوا: ومكة حريم البيت الحرام الذي جعله الله للناس سواء العاكف فيه والباد، فلا يجوز لأحد تحجيره، وعليه فإن احتاج ما في يده سكنه، وإلا بذله للمحتاج إليه.