والعلة في ذلك قد تقدمت، ظاهر كلام المؤلف وإن كان المشتري قادرا على تحصيله، فإنه لا يجوز، كأن يبيع العبد الآبق على من يقدر على تحصيله، ويكون ذلك مع الفسخ إن عجز عن الحصول عليه، فظاهر كلام المؤلف النهي عن هذا، وهو المشهور من المذهب، واختار الموفق ابن قدامة وهو قول لبعض الحنابلة وهو صاحب الإنصاف أن بيع غير المقدور على تسليمه للقادر على تحصيله جائز، وإن عجز عنه فله الفسخ، لأنه لا غرر في هذا، وهذا القول هو الراجح، فإنه لا غرر في ذلك، حيث باعه شيئا يمكنه أن يحصله، وعلى هذا فغير المقدور على تسليمه قسمان:
١- غير مقدور على تحصيله، فهذا لا يجوز بيعه قولا واحدا.
٢- مقدور على تحصيله، فهذا يجوز في أصح القولين.
وقياسا على بيع المغصوب على من يقدر على أخذه من غاصبه، فسيأتي كلام المؤلف في جوازه، فكذلك هنا، فإن المقدور على تحصيله وهو غير موجود يشبه المغصوب، فكلاهما غير مقدور على تسليمه، ومقدور على تحصيله.
وتقييد المؤلف في قوله (وطير في هواء وسمك في ماء) هذا حيث كان لا يقدر على تسليمه، أما إذا كان يقدر على تسليمه ولو بمشقة فإن ذلك جائز، كأن يكون الطير في برج مغلق يمكن أن يسمك به فيه لكن مع المشقة، أو يكون السمك في موضع محصور، فهذا يقد على تسليمه، فيجوز بيعه، حتى مع وجود المشقة، وعلى هذا إذا كان يقدر على تسليمه بمشقة فإن ذلك جائز.