للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينفذ تصرف أحد منهما - أي الراهن والمرتهن - فيه - أي في الرهن - بغير إذن الآخر، أما الراهن فلأن في تصرفه في الرهن تفويتا لحق المرتهن، فإن المرتهن قد تعلق حقه بهذا الرهن، فإذا تعذر الوفاء باع هذا الرهن وأخذ حقه كما سيأتي تقريره، وكذلك ليس للمرتهن أن يتصرف في الرهن كأن يبيعه أو يهبه أو يوثقه أو نحو ذلك من التصرفات، وذلك لأنه ليس ملكا له، ومن شروط التصرف الملك.

وهذا كله يستثنى منه ما إذا أذن أحدهما للآخر، فإذا ثبت الإذن فذلك جائز من الطرفين، فإذا أذن الراهن للمرتهن بالبيع فذلك جائز، وكذلك إذا أذن المرتهن للراهن، فإذا أذن الراهن للمرتهن بالبيع فهذه وكالة في البيع.

* وهل للراهن أن ينتفع بالرهن أم لا؟

مثاله: رهن زيد عند عمرو داره على دين اقترضه، فهل للراهن أن ينتفع بهذه الدار بأن يسكنها أو يؤجرها أو يعيرها أو غير ذلك من الانتفاعات؟

١- القول الأول وهو المشهور من المذهب أن ذلك لا يجوز، فليس للراهن أن يسكن الدار المرهونة ولا أن يؤجرها ولا غير ذلك، قالوا: لتعلق حق المرتهن بها.

٢- وذهب الشافعية إلى جواز سائر الانتفاعات التي لا تضر بالعين، كالسكنى للدار، والركوب للدابة، وعللوا قولهم بأن حق المرتهن إنما هو متعلق بالعين لا بالمنفعة، وحيث انتفع بالعين على وجه لا يضر بها فإن هذا غير ممنوع، كيف والشريعة قد نهت عن إضاعة المال، وفي تعطيلها إضاعة للمال، وهذا القول هو الراجح، ولا دليل على المنع.

قال الحنابلة: ولا يمنع الراهن من مراعاة المرهون بإصلاحه وسقي أو ترميم أو مداواة أو غير ذلك، فعندما يمنع من الانتفاع بداره المرهونة فإنه لا يمنع من القيام بمصالحها، وهذا لا إشكال في جوازه، وعلل الحنابلة لذلك بأن فيه مصلحة للرهن وللراهن، وليس فيه ضرر على المرتهن، بل فيه منفعة له أيضا، فإنه بذلك تبقى العين صالحة.

قوله [إلا عتق الراهن فإنه يصح مع الإثم]

<<  <  ج: ص:  >  >>