للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك يجوز ضمان ما لم يجب، كأن يقول له: اقرض فلاناً ومتى ما أقرضته فالضمان علي، فقد ضمن الشيء قبل وجوبه.

ودليل هذا قول الله تعالى في قصة يوسف - وشرع من (١) قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه - {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} (٢) ، أي أنا به ضمين، أي أنا ضمين بحمل البعير، وهذا قبل أن يجب الحق، فإن الحق لا يجب إلا بعد أن يؤتى بهذا الصاع، فإذا أتانا بالصاع وجب حمل البعير، فضمنه قبل وجوبه. (٣)

قالوا: وحمل البعير يختلف كثرة وقلة فكان مجهولاً.

ثم إن الأصل في المعاملات الحل ولا غرر في هذا ولا ضرر.

قال [والعواري]

العواري جمع عارية، والعارية في المشهور من المذهب مضمونة، والبحث هنا على المشهور من المذهب وأنها مضمونة، وسيأتي الخلاف في ذلك في بابه إن شاء الله.

فمثلا: ذهب زيد إلى عمرو وقال أعرني سيفك، فقال: حتى تأتي بضمين، فالضمان يصح، وذلك لأن العارية مضمونة، فالأصل مضمون فيصح في الفرع، فيصح الضمان في الأشياء المضمونة، فهنا العارية مضمونة، فلما ثبت الضمان على الأصل جاز في الفرع، ولأن الأصل في المعاملات الحل.

وأما إذا قلنا: إن العارية ليست بمضمونة فلا يصح الضمان، وذلك لأن الضمان لم يثبت في الأصل فلا يثبت في الفرع من باب أولى.

فإذا كان من بيده الشيء لا ضمان عليه، فكيف الضمان في غيره، ومثل ذلك المغصوب، لذا قال:

[والمغصوب]

فالمغصوب يثبت فيه الضمان، فلو اغتصب زيد من عمرو شيئا فطالبه به، فله أن يأبى أن يخليه حتى يأتيه بضمين، فإذا أتى بالضمين تركه، وذلك لأن الأشياء المغصوبة مضمونة لأن اليد يد تعد، واليد المتعدية ضامنة فالفرع كذلك.

قال [والمقبوض بسوم]

هذا يصح فيه الضمان.


(١) كذا في المطبوع، وفي الأصل: شرع ما قبلنا..
(٢) سورة يوسف.
(٣) في المطبوع: فلا يجب حمل البعير إلا إذا أتي بالصاع، وهنا ضمن حمل البعير قبل وجوبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>