وأما حديثه الأول فهو حديث يوم إسلامه ثم بعد ذلك روى أحاديث النسخ كغيره.
وهذه الأوجه كلها تقوي ما ذهب إليه الجمهور من أن الراجح في هذه المسألة أن مس الذكر ناقض للوضوء.
- واختار شيخ الإسلام الجمع بين الحديثين، أي بين حديث بسرة وغيرها وبين حديث طلق فحمل حديث بسرة وبقية الأحاديث على الاستحباب وحمل حديث طلق على نفي الوجوب.
فعلى ذلك يكون المعنى في حديث طلق: الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه الوضوء " أي أيجب عليه الوضوء "، فقال:(لا، إنما هو بضعة منك) أي لا يجب عليك الوضوء، ولم ينف الاستحباب.
بخلاف حديث بسرة فلفظه:(من مس ذكره فليتوضأ) فهذا يمكن أن يحمل على الاستحباب.
لكن هذا القول فيه ضعف، لما تقدم من قوة الأحاديث الواردة في مسألة نقض الوضوء بمس الذكر، بخلاف حديث طلق وما تقدم من كلام أهل العلم فيه، فلا تترك ظواهر الأحاديث المتاكثرة لهذا الحديث الذي تقدم ذكر الأوجه في تضعيفه سنداً أو تضعيفه رواية.
إذن: الراجح: أن مس الذكر ينتقض به الوضوء لكن الفقهاء انطلقوا من هذا الحديث الصحيح ففرعوا فروعاً كثيرة جداً وهي هذه القيود التي ذكرها المؤلف.
فهنا قوله:(ومس) لفظة مس أي بلا حائل فإن كان من حائل فإنه لا يثبت به هذا الحكم، وهذا هو الذي تفيده لفظة (مس) وقد ورد مصرحاً في حديث الإمام أحمد الذي تقدم ذكره: (إذا أفضي أحدكم بيده إلى ذكره ليس دونها حجاب فقد وجب الوضوء)(١) فعلى ذلك إذا كان دونها حجاب فلا وضوء، وهذا باتفاق العلماء.
قال:(ومس ذكر) : هنا أطلق سواء كان ذكر نفسه أو غيره قالوا: إذا ثبت هذا في ذكر نفسه مع الحاجة إلى لمسه فأولى منه غيره وهذا هو مذهب الجمهور.
فإذا مست المرأة ذكر زوجها انتقض وضوؤها.
وفي قوله:(مس ذكر) يشمل كذلك الصغير والكبير فالمرأة تغسل طفلها، فمست ذكره فينتقض الوضوء بذلك لأنه ذكر متصل – وهذا هو مذهب الجمهور -.