للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأحناف والشافعية بل لا تصح المزارعة، واستدلوا بما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهي عن المحاقلة) (١) وفي أبي داود بإسناد صحيح من حديث زيد بن ثابت نحوه وفيه أنه سئل - أي زيد - عن المحاقلة فقال: (أن يأخذ الأرض على نصف وثلث وربع) (٢) واستدلوا بحديث رافع بن خديج في البخاري وغيره أنه قال: (نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نحاقل بالأرض على الثلث والربع والطعام المسمى) (٣) وبما ثبت في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله وهو نحو حديث رفع بن خديج وفيه أنه قال (كان فيها - أي في المدينة - رجال لهم فضل أرضين فأرادوا أن يؤجروها بالثلث والربع فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها فإن أبى فليمسك أرضه) (٤) قالوا: فهذه الأحاديث تدل على النهي عن المحاقلة وهي المزارعة.

والصحيح ما ذهب إليه أهل القول الأول، للحديث المتقدم وهو حديث ابن عمر في مزارعة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خبير، وأما الجواب عما استدل به أهل القول الثاني فيقال:

إما أن يكون هذا في أول الإسلام حيث كانت الحاجة داعية إلى المنح والإحسان، ولم يكن ذلك تحريما، ولذا ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن ذلك وإنما قال: يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما) (٥) فتحمل الأحاديث المقدمة على أنها في أول الإسلام، وهذا وجه.


(١) البخاري: ٢١٨٦ - مسلم: ١٥٣٩.
(٢) أبوداود: ٣٤٠٧.
(٣) البخاري: ٢٣٤٤ - مسلم: ١٥٤٨.
(٤) البخاري: ٢٣٤١ - مسلم: ١٥٣٦.
(٥) البخاري: ٢٣٣٠- مسلم: ١٥٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>