فالدار ونحوها مما لا يصح فيه السلم لا تكفي الصفة، بل تشترط المشاهدة والرؤية، فإذا قال: أريد أن أكريك داري التي مساحتها كذا، وعدد غرفها كذا، وموقعها كذا، ونحو ذلك فقال: رضيت، فهذا لا يجوز، ولا تصح الإجارة، قالوا: لأن الدار ونحوها مما لا يصح فيه السلم لا ينضبط بالوصف، وقد تقدم أن المشهور من المذهب أن السلم لا يصح إلا في المكيلات والموزونات والمذروعات، وأما المعدودات وغيرها مما لا ينضبط فلا يصح فيه السلم، لأن السلم بيع على الصفة، وقد تقدم أن الراجح أن ما يكون الاختلاف فيه اختلافا يسيرا، والتفاوت فيه تفاوت يسير فالسلم فيه جائز، ولو لم يكن مكيلا أو موزونا أو مذروعا، فهنا كذلك في باب الإجارة، فعندما يصف له الدار وصفا بينا ظاهرا ثم يستأجرها على هذا الوصف التام الظاهر - وإن كان يقع فيه شيء من التفاوت اليسير - فهذا ليس بمؤثر، فهذه جهالة يسيرة يعفى عن مثلها.
إذن هذه المسألة تنبني على المسألة السابقة في باب السلم، فالصحيح أن كل ما ينضبط بالصفة وإن كان الانضباط فيه ليس تاما بل مع التفاوت اليسير فإن الإجارة فيه جائزة كالسلم، أما إذا كان التفاوت كثيرا مما تقع بمثله المنازعة فلا يجوز ذلك كما في السلم.
قوله [وأن يعقد على نفعها دون أجزائها]
هذا هو الشرط الثاني: وهو أن يعقد على نفعها دون أجزائها.