للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي في المرضعة فذلك جائز، أما لو استأجر من رجل إبلا أو بقرا أو غنما ليأخذ لبنها في وقت درها فقال الحنابلة وهو مذهب الجمهور لا يجوز ذلك، وذلك لأن الإجارة على المنفعة، وهنا وقعت على العين، فإن اللبن عين، فليست الإجارة على منفعة، وقال بعض أهل العلم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو اختياره رحمه الله، واختيار تلميذه ابن القيم واختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي أن ذلك جائز، قياسا على الظئر، فكما أن الظئر يجوز لها أن تؤجر لبنها للطفل فكذلك يجوز في هذه المسألة، قالوا: واللبن هنا مع بقاء الأصل كالمنفعة مع بقاء الأصل، فاللبن هنا يستهلك والأصل باق، فإن الأصل هو البقر - مثلا - باق، واللبن يستهلك فأشبه هذا المنفعة، فإن المنفعة تكون مع بقاء الأصل، قالوا: وبالقياس على المساقاة فإنه يؤجر أرضه ونخله ويأخذ الآخر ثمرها بكراء من ذهب أو فضة، وهنا كذلك فإنه يستأجر هذا البقر أو الغنم ويأخذ لبنها، بل تطرق الإجارة إلى الأرض أعظم من تطرقها إلى لبن هذه الشاة أو لبن هذه البقرة، وهذا القول هو الراجح لقوة أدلته، وليس مع المانعين دليل يمنع كما أن الأصل في العقود الحل.

قوله [ونقع البئر وماء الأرض يدخلان تبعا]

إذا قيل: أنتم عندما تكرون أرضا أو تؤجرونها يدخل فيها ماء بئرها، وعندما تكرون أرضا للزراعة يدخل في ذلك ماء بئرها، ويدخل في ذلك الماء الذي في الأرض وهي أعيان، فلماذا لو تقولوا بالمنع فيها، فهي كاستئجار الحيوان لأخذ اللبن في وقت دره، فأجابوا هنا: أنهما يدخلان تبعا، ويثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا، وهي قاعدة صحيحة، وعلى القول الراجح المتقدم الذي اختاره شيخ الإسلام لا إشكال في هذه المسألة.

قوله [والقدرة على التسليم]

هذا هو الشرط الثالث: أن يكون مقدورا على تسليمه كما يشترط هذا في البيع.

ولا شك أنه إذا أجر ما لا يقدر على تسليمه فإن ذلك غرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>