للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل: العين، وذلك لأن الإجارة تقع على النفع، فمتى كان مالكا للنفع فله أن يؤجر، فمثلا ناظر الوقف لا يملك الوقف لكنه يملك منافعه فله أن يؤجر، والمستأجر لدار مثلا لا يملك الدار لكنه يملك منفعتها فله أن يؤجرها، وكذلك عندما تكون هذه الأرض مملوكة لغيره وقد وكله بتأجيرها، فهو لا يملك العين بل يملك النفع، وهو نائب عن المالك فله أن يؤجرها، فعلى ذلك إذا أجر رجل دارا لا يملك منفعتها فلا تصح إجارتها، وذلك لاختلال هذا الشرط، والإجارة كالبيع فكما أن البيع يشترط فيه أن يكون من مالك، فكذلك الإجارة، وعلى ما تقدم ترجيحه من صحة بيع الفضولي مع الإجازة فكذلك الإجارة، فإذا أجر دارا وهو لا يملك منفعتها فأجاز مالك المنفعة ذلك فتصح الإجارة لأنه تصرف فضولي أجيز، فهو صحيح خلافا للمشهور من المذهب كما تقدم في البيع.

قوله [وتجوز إجارة العين لمن يقوم مقامه لا بأكثر منه ضررا]

إذا استأجر أرضا أو دارا أو جملا أو نحو ذلك فهل له أن يؤجر؟

الجواب: باتفاق العلماء له أن يؤجر، وذلك لأنه مالك لمنفعتها المدة المتفق عليها، ولكن هل له أن يؤجرها بثمن أكثر؟

الجواب: له ذلك، وذلك لأنه متصرف في ملكه، فالمنفعة ملك له، فله أن يؤجرها بما شاء.

ولكن هل له أن يؤجرها مع ضرر أكثر؟

الجواب: ليس له ذلك، مثاله: استأجرت أرضا لتزرع فيها قمحا، فهل لك أن تؤجرها لمن يزرعها أرزا؟

الجواب: ليس لك ذلك لأن الأرز يستهلك الأرض أكثر من استهلاك القمح لها، وكذلك إذا استأجرتها لتزرع شيئا من الخضروات فليس لك أن تؤجرها لمن يزرعها قمحا لأن القمح يستهلك الأرض أكثر، وكذلك إذا استأجرت دارا لتسكنها فليس له أن تؤجرها لما يضر بها، كأن تؤجرها محلا أو نحو ذلك، وذلك لأنك لا تملك ذلك، فأنت عندما استأجرت الأرض لتزرع القمح، هل لك أن تزرعها أرزا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>