للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو المشهور من المذهب، فإذا أجرة شيئا كأن يؤجره دارا ويكون الاتفاق على مدة سنة، ثم منعه كل المدة فلم يمكنه من الانتفاع بها أو منعه بعض المدة كأن يخرجه منها بعد ستة أشهر مثلا فلا شيء له، وهذا هو المشهور من المذهب، قالوا: لأنه لم يسلمه ما تشارطا عليه، فإنهما قد تشارطا على المدة كلها فلم يوف بشرطه، ولم يسلمه ما عقد عليه من الإجارة فلا شيء له، ولو كان المستأجر قد انتفع بها بعض المدة كأن يستأجرها سنة ثم يجبره على الخروج منها بعد ستة أشهر، فلا شيء له لأنه لم يسلمه ما اتفقا عليه، وقال الجمهور: بل له الأجرة بقسطه، وهو رواية عن الإمام أحمد، فمثلا: إذا أجره داره سنة بعشرة آلاف، ومكنه من الانتفاع ستة أشهر ثم أجبره على الخروج فإن المؤجر يملك من الأجرة نصفها فله خمسة آلاف، وهذا القول هو القول الراجح، وذلك لأن المستأجر قد انتفع بهذه العين المؤجرة هذه المدة على وجه المعاوضة فكان عليه قسط ذلك من العوض، لكن يتوجه ما ذهب إليه الحنابلة فيما إذا لم يكن له نفع بهذه الإجارة، كأن يستأجر حمالا أو غيره على عمل فيعمل له بعض العمل على وجه ولا ينفعه، بل قد يكون عليه فيه ضرر، كأن يتفقا على حمل شيء من المتاع من بلدة إلى أخرى فيحمله إلى بعض الطريق في موضع يضر بالمستأجر أو لا ينفعه فحينئذ لا يتوجه أن يكون له أجرة، لأن المستأجر لم ينتفع، أما لو كانت البضاعة مثلا تحمل من جدة إلى حائل فحملها له إلى المدينة وهناك من يحملها له من المدينة إلى حائل بأجر أقل بسبب قصر المسافة فإنه يترجح ما ذهب إليه الجمهور لأنه قد انتفع بهذا العقد على وجه المعاوضة فكان عليه الأجرة.

قوله [وإن بدأ الآخر قبل انقضائها فعليه]

<<  <  ج: ص:  >  >>