للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأجير الخاص هو من يختص المستأجر بنفعه مدة معلومة، فعندما يستأجر عاملا للزراعة أو للتجارة أو نحو ذلك لمدة شهر أو شهرين أو نحو ذلك فهذا الأجير نفعه خاص بالمستأجر، فإذا جنى هذا الأجير جناية خاطئة لم يتعد فيها ولم يفرط فتلف مال المستأجر أو بعضه فإنه لا يضمن، كأن يستأجر عاملا للمزرعة فيعمل على مكائنه فيفسدها من غير أن يتعدى ولا يفرط، فإنه لا ضمان عليه، كالوكيل والمضارب ما تقدم، فهو نائب عن المالك في منافعه، فإن منافع هذا الأجير مملوكة لمستأجره، فهو نائب لهذا المستأجر في تصريف منافع نفسه على حسب ما يأمره به هذا المستأجر، فإذا حصل شيء من التلف بغير تعد ولا تفريط فإنه لا يضمن كالوكيل والمضارب.

قوله [وطبيب وبيطار لم تجن أيديهم إن عرف صدقهم]

البيطار هو طبيب البهائم، والطبيب هو الطبيب المعروف، وهو في العرف الحادث يراد به كما ذكر ابن القيم الطبيب الطبائعي، وأما في اللغة فهو أعم من ذلك، فإن الحجام والكواء ونحو ذلك يقال لهم طبيب، فعلى ذلك كلهم يدخلون في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي والحديث حسن: (من تطبب وهو لا يعلم بطب فهو ضامن) [ن ٤٨٣٠، د ٤٥٨٧، جه ٣٤٦٦] فالطبيب بكل أنواعه سواء كان طبيبا للآدميين أو للبهائم أو حجاما أوكيميائيا أو كواء أو نحو ذلك فإنه إذا لم تجن يده وعرف حذقه في الطب فإنه لا يضمن، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم: (من تطبب ولا يعلم بطب فهو ضامن) وظاهره أنه إذا كان يعلم بالطب فإنه لا يضمن، ولأن هذا الفعل مأذون له، وما ترتب على المأذون فليس بمضمون، وما ذكره المؤلف هنا بالاتفاق، فإذا لم تجن يده وهو طبيب حاذق فإنه لا يضمن، وكذلك إذا صرف دواء وهو حاذق وهو غير مخطيء في ذلك بل صرفه صرفا صحيحا ومع ذلك ترتب عليه ضرر ولم يقع منه تفريط ولا تعدي فإنه أيضا لا يضمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>