للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كانت الجائزة من المتسابقَين كليهما أو من المتسابقِين كلهم فمنع من ذلك جمهور العلماء، قالوا: لأن كليهما يكون إما غانما أو غارما وهذا قمار، والقمار محرم، بخلاف ما لو وضعها أحدهما دون الآخر فإن هذا الواضع يكون غارما أو غانما، وأما الآخر فإنه إما أن يكون غانما أو سالما، قالوا: ويجوز حينئذ أن يضع المحلل، فإذا تسابق زيد وعمرو ودفع هذا ألفا ودفع الآخر ألفا فأدخلا بينهما ثالثا لا يضع شيئا فهذا جائز بشرط ألا يؤمن سبقه بحيث لا يكون حيلة إلى تحليل ما حرم الله، قالوا ودليل هذا ما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أدخل فرس بين فرسين لا يأمن أن يسبق فلا بأس، وإن أمن فهو قمار) [حم ١٠١٧٩، د ٢٥٧٩، جه ٢٨٧٦] واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم جواز هذه الصورة التي نهى عن الجمهور بغير محلل، قالا: إذا تسابق على خيل أو إبل أو سهام أو على علوم شرعية كما تقدم فيجوز أن يشارك كل واحد من المتسابقين بالسبق، قالا: لأن القمار أكل للمال بالباطل، وهذا ليس بأكل للمال بالباطل بل هو أكل للمال بالحق، فإن فيه إعانة على ما أمر الله به عز وجل من الجهاد في سبيله، وأجابوا عن حديث أبي هريرة المتقدم بأن إسناده ضعيف فهو من حديث سفيان بن حسين وسعيد بن بشير عن الزهري، ورواية سفيان بن حسين عن الزهري ضعيفة، وسعيد بن بشير ضعيف الحديث، قالوا: ورواه الثقات عن الزهري عن سعيد بن المسيب من قوله، فهو من قول سعيد بن المسيب، وهذا القول هو القول الراجح، فإن القمار أكل للمال بالباطل وهذا ليس أكل للمال بالباطل بل هو أكل للمال بالحق، واستدلوا بما روى أحمد في مسنده بإسناد جيد: (أن أنس بن مالك قيل له هل كنتم تراهنون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال نعم لقد راهن النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرس يقال له سبحة فسبق

<<  <  ج: ص:  >  >>