للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب جمهور العلماء إلى أنها مستحبة غير واجبة، واستدلوا بما ثبت في الصحيحين من حديث طلحة بين عبيد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي بعد أن ذكر له هل على شيء غير الزكاة لما سأله عما يجب عليه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا إلا أن تطوع) قالوا: فدل هذا على أن العارية ليست واجبة فلو كانت واجبة لأجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بها لما سأله: هل علي غيرها، والقول الثاني في هذه المسألة وهو قول في المذهب واختاره شيخ الإسلام أن العارية واجبة أي مع غنى مالكها وحاجة الآخر إليها، ودليل هذا ما ثبت في مسلم من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر - أي مستو - تطؤه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها ليس فيها يومئذ جماء - أي التي لا قرن لها - ولا مكسورة القرن، قلنا يا رسول الله وما حقها؟ قال: إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنيحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله) [م ٩٨٨] والشاهد في قوله: (وإعارة دلوها) ، ويدل لذلك أيضا قول الله تعالى {ويمنعون الماعون} ، وقد روى أبو داود والنسائي في سننه الكبرى بإسناد حسن عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:" كل معروف صدقة، وكنا نعد الماعون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إعارة الدلو والدر " [ن كبرى ٦ / ٥٢٢، د ١٦٥٧] فهو لا يتضرر بهذه الإعارة ولا تفوته مصلحة بها فذم على المنع، وما اختاره شيخ الإسلام في هذه المسألة قوي، والجواب عن حديث الأعرابي أن يقال: إن العارية من الأمور الطارئة، فقد يملك الإنسان ما يعيره وقد لا يملكه، وإذا ملكه فقد يكون هناك من هو محتاج إليه وقد لا يكون، وهو كما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله عن الصلاة: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، مع دلالة الشرع على وجوب صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>