للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ / ٤٠٩] وكذلك الحديث المتقدم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) ، ولما ثبت في سنن الترمذي والحديث إسناده حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (والعارية مؤداة والزعيم غارم والدين مقضي) [ت ١٢٦٥، د ٣٥٦٥، جه ٢٣٩٨] قالوا: والأداء لا يستلزم الضمان بدليل أن الوديعة بالاتفاق لا ضمان فيها، وقد قال تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فأمر الله بأدائها ولم يستلزم هذا ضمانها، فالمقصود أنها تؤدى ما دامت موجودة، وأما إذا حصل لها تلف بغير تعد ولا تفريط فهذا باب آخر، وقال المالكية إن تلفت بسبب ظاهر كالحريق فلا ضمان، وإن تلفت بسبب غير ظاهر فالضمان ثابت، وأصح الأقوال في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام وهو رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار صاحب الفائق من الحنابلة وغير واحد من الحنابلة وهو اختيار ابن القيم والشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو أن العارية غير مضمونة إلا أن يشترط ذلك المعير وبه تجتمع الأدلة، فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلى بن أمية وقد سأله في العارية: أعارية مؤداة أم عارية مضمونة فقال: بل عارية مؤداة، فهذا يدل على أن العارية ليست بمضمونة، ولما قال له: صفوان بن أمية أغصب يا محمد؟ فقال: بل عارية مضمونة، فدل على أنها مع الشرط يثبت الضمان فيها، ولأن المسلمين على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما، واشتراط الضمان لا يحل ما حرم الله ولا يحرم ما أحله، فقول شيخ الإسلام هو قول الأحناف لكنه يرى جواز الشرط، وأما الأحناف فالمشهور عندهم أن الشرط باطل وفي رواية عندهم يرون جواز الشرط، ولا خلاف بين أهل العلم أنه إذا فرط في حفظ هذه العارية أو تعدى عليها بفعله فإنه يضمن، لأن الضمان بالتعدي أو التفريط ثابت في الوديعة فمن باب أولى في العارية.

<<  <  ج: ص:  >  >>