للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل فيما تتلفه البهائم أنه هدر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: (العجماء جبار) [خ ١٤٩٩، م ١٧١٠] أي هدر، والعجماء هي البهيمة.

لكن إن أتلفت البهائم بالليل زرعا أو شجرا أو نحو ذلك كثياب ونحوها فحينئذ على مالكها الضمان، فهي وإن كانت جنايتها هدر لكن هنا تعد أو تفريط من مالكها، لأن الواجب على المالك حفظها بالليل، فإذا لم يحفظها بالليل فقد فرط، وما أفسدته بالنهار فلا ضمان ما لم يكن هناك تعد أو تفريط، كما سيأتي في بعض الصور، ودليل هذا ما رواه أبو داود والإمام مالك في موطئه والحاكم والبيهقي والحديث صحيح: (أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الحوائط حفظها نهارا، وأن ما أفسدت المواشي بالليل فهو مضمون على أهلها) [حم ٢٣١٧٩، د ٣٥٧٠، جه ٢٣٣٢، ك ١٤٦٧، كم ٢ / ٥٥، هق ٨ / ٣٤١] وهو قضاء سلميان - عليه الصلاة والسلام - المحكي في كتاب الله تعالى في قوله {إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما} .

وكذلك البئر جرحا جبار كما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (والبئر جبار) [خ ١٤٩٩، م ١٧١٠] فالبئر هدر فإذا حفر بئرا في أرضه فوقه فيها إنسان فتلف فلا ضمان عليه، لكن إن حفرها متعديا بأن يحفر بموقع لا يؤذن له فيه، فحينئذ عليه الضمان لتعديه.

قوله [إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة]

أي إلا أن ترسل البهائم بقرب ما تتلفه عادة، فحينئذ يكون مالكها إما مفرطا أو متعديا، وعلى كلتا الحالتين يكون عليه الضمان لتعديه أو تفريطه، كأن يجعلها ترعى حول زروع الناس بحيث أنه لا يؤمن تعديها مع هذه الحال، فتعدت فيكون الضمان عليه.

قوله [وإن كانت بيد قائد أو سائق ضمن جنايتها بمقدمها لا بمؤخرها]

<<  <  ج: ص:  >  >>